Click Here For English Menu 

 

 

 

 

 

Libyan Constitutional Union

 

http://www.libyanconstitutionalunion.net  

&

   http://www.lcu-libya.co.uk

 

 


 

 

من أجل نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبنـاء شعبنـا

 

نقدم هذه السلسلة للمساهمة في نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبناء شعبنا بهدف وقوف جميع القوى الوطنية المتصدية لنظام الشر الجاثم على وطننا، على قدم المساواة، فوق أرضية وطنية مشتركة هي دستور الوطن.

ونود أن نلفت الإنتباه إلى آلية التعديل التي يكفلها هذا الدستور الراقي، والتي تجلت في أوضح صورها حينما أجريت ‏سنة 1963 التعديلات الدستورية اللازمة لتغيير شكل الدولة بأكمله من النظام الفيدرالي (الإتحادي) إلى نظام الدولة ‏الموحدة، عندما اقتضت مصلحة الوطن ذلك. وقد تم ذلك بطريقة دستورية حضارية واضحة، حريّ بنا الإفتخار ‏بها واتخاذها نبراسا في بناء ليبيا المستقبل.

ويُرجى كذلك مراعاة أن بعض هذه الإصدارات تم إصدارها بينما كان ملك البلاد لا يزال على قيد الحياة، ارتأينا إعادة نشرها عساها تفيد من لم يتسنّ‏ ‏له الإطلاع عليها في السابق ‏.

 

 

 

العودة إلى الحياة الدستورية أم الى نقطة الصفر

الاتحاد الدستوري يناشد المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية العودة إلى الشرعية الدستورية

11 مايو 2005

 

ماهو الدستـور؟

نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 14 أكتوبر 2005 على المواقع الليبية

 

 

الشرعية الدستورية

24 ديسمبر 2005 : الذكرى 54 لاستقلال ليبيا

 

 

الدستور مكسب شعبي وإنجاز حضاري

 لا ينبغي التفريط به

نشر في يونية 2003

 

دستور ليبيا

 

 

الإجابة على السؤال الحادي عشر والأخير من الاستبيان الذي أعده ملتقى الحوار الوطني حول مقترح مبادئ ثورة 17 فبراير، والذي يتعلق مباشرة بقضية اعداد دستور جديد

 

 

 

 

 

 

التنمية الدستورية في ليبيا

للمؤلف إسماعيل راغب الخالدي

 نشر عام 1956

 

 

 

 

 

 

"من أجل نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبناء شعبنا"

الحلقة الرابعة

أنقر لمطالعة الحلقة الأولى          أنقر لمطالعة الحلقة الثانية           نقر لمطالعة الحلقة الثالثة

 

Email: lcu@lcu-libya.co.uk

بسم الله الرحمن الرحيم

من إصدارات الاتحاد الدستوري الليبي (4)

 

أثار الاعلان عن تأسيس الاتحاد الدستوري الليبي في 7 أكتوبر 1981 -الذكرى الثلاثين لإعلان الدستور الليبي في 7 أكتوبر 1951- موجة من ردود الفعل العنيفة بين أوساط المعارضين الليبيين في ذلك الوقت، تراوحت ما بين مجرد الاستغراب والريبة، ووصلت الى حد الاستهجان والاستنكار والاتهامات الصريحة. صحبتها كذلك تساؤلات بريئة عديدة عند كثير من المواطنين، كونها أحيت قضيّـةً عدّها الكثيرون في طيّ النسيان، واعتبر البعض أنها قد عفى عنها الزمن تماماً، بينما التبس على البعض الآخر فهم كنه الدعوة التي احتواها البيان التأسيسي الذي تم بموجبه الاعلان عن تأسيس الاتحاد الدستوري الليبي في ذلك اليوم مطالباً بالعودة الي مرجعية دستور البلاد الذي ألغاه الانقلابيون، وتجديد البيعة لملك البلاد باعتباره "قائداً تاريخياً لكفاح الشعب الليبي من أجل الإستقلال والوحدة الوطنية ورمزاً للشرعية في البلاد"، والتصدي لحكم الإنقلاب تحت راية موحدة هي علم ليبيا [1].

دفعتنا كل تلك العوامل الى إصدار ثلاث كتيبات توضيحية تقدم مزيداً من التفاصيل حول حقيقة ما ينادي به الإتحاد الدستوري وما تأسس من أجل تحقيقه. صدر أول هذه الكتيبات في شهر أكتوبر 1981 لترسيخ ذكرى اعلان الدستور، والثالث في 24 ديسمبر 1981 لتخليد الذكرى الثلاثين لعيد الاستقلال المجيد [2]. بينما صدر الكتيب الثاني –وهو الذي بين أيدينا الآن-  في 21 نوفمبر 1981 للتذكير بقرار هيئة الأمم المتحدة بشأن استقلال ليبيا.

وقد رأينا نشر هذه النسخة المطبوعة من هذا الكتيب اليوم بمناسبة مرور 29 سنة على الاعلان عن تأسيس الإتحاد الدستوري الليبي، وتقديمها في صيغة سهلة القراءة والنسخ، بعد أن تطوّع أحد الأخوة مشكوراً بطباعتها، ليضاف محتواه الى سلسلة ."من أجل نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبناء شعبنا".[3]

_________________________

[1] انظر النص الكامل للبيان التأسيسي في نهاية هذه الوثيقة.

http://www.libyanconstitutionalunion.net/consplus.htm#part1[2]

http://www.libya-watanona.com/news/lcu/lc03075a.htm [3]

 

الكتيّب الثاني

صدر في 21 نوفمبر 1981، ذكرى قرار الأمم المتحدة باستقلال ليبيا

 

يسـقـط الانقـلاب لا محالة، لأنّه من أصله دسيسـة جبـانة وعـار .. لأنه ضدّ طبيعة الأشيـاء، .. لأنه يطغـى على حريّة الانسـان .. يطفئ بهجة الحيـاة ذاتهـا.

فالإنقلاب العسكري ظاهرة بدائية خطرة، بل مشينة ليست تليق بالمجتعات المتحضرة ، اذ أنه اهانة بالغة لذكاء الانسان الراقى وقدراته العقلية من حيث تحكيم المنطق والفطرة السليمة فى معالجة مختلف شؤون حياته، بما في ذلك التصدى السلمي لحلول اشكالات الحكم والسياسة.  والانقلاب في جوهره عدوان داخلي مسلح يرمي الى اختلاس سلطة الدولة السياسية بالدرجة الاولى، ثم فرض سلطة دخيلة بديلة عن طريق الاكراه.  فالحركة الانقلابية تعمل، في الواقع ، بمثابة غزو أو هجوم مباغت من الداخل تشنه زمرة من ضمن المؤسسة العسكرية القائمة فى البـلاد، اما توطئـة لتحقيق مآربها الخاصة أوخدمة لأطماع خارجية معينة أومن أجل هاتين الغايتين معا. وهي مغامرة محسوبة النتائج أصلاً بقدر من الدقة قد ينقص أو يزيد عن الحد الاددنى من امكانيات نجاحها فى شتى ظروف الاقدام عليها. فاذا أخفقت المجازفة واختلت حساباتها، سُميت باسمها الصريح ،  "مؤامرة فاشلة" يخرج مدبرها خائبا صفراليدين مثل مقامرخاسر. فيوصم لتوّه بالخيانة والغدر والدناءة .. والحماقة أيضا. ويعامل من ثم على ذلك الأساس. أما لو قدر لها أن تنجح فى مسعاها الى قلب نظام الحكم السائد فى البلاد، وهو هدفها المباشر،  فإنها تسمي نفسها على الفور .. "ثورة" !!

  إن عملية الانقلاب في حد ذاتها ليست لها أية علاقة حقيقية بطموح الجماهير العريضة  الى تغيير أوضاعها الراهنة من أجل الترقّي الى مستوى حياة  أفضل، كما أنه يستحيل اعتبارها انطلاقة نابعة من صميم رغبة الشعب أو تجسيدا لارادته. وذلك أن الانقلاب، مهما بلغت رتب القائمين به، ليس انتفاضة عفوية على الاطلاق، وانما هو مجرد اجراء تنفيذى نهـائى لخطـّة مدروسـة مفصلة تحاك منذ البداية خلف الستار بنـاء على توقعات واعتبارات خاصة تخضع فى الغالب لتقديرالجهة الخفيـّة صاحبة المصلحة الكبرى فى صنع الانقلاب . ويكفي دليلا قاطعا على ثبوت نية الخديعة المبيتة من أول الامرأن الشعوب المعنية لا تدرى بوقوع الانقلابات داخل بلدانها إلا عقب اذاعة البلاغ رقم 1 المعتاد في مثل هذه الحالات،  بل ربما لا يسمح للشعب حتى بمجرد التعرف على هوية سارق السلطة إلا بعد أن يفلت بالغنيمة ويشهر السلاح في وجوه شرطة النظام. وهذا يعني، بمنتهى البساطة، أن الشعب يوم تقلب حكومته ويغتصب الجناة سلطته الشرعية يبدو كالزوج المخدوع تماماً .. آخر من يعلم !!

ومما يثير السخرية المريرة حقا أن يزعم الانقلابي المغامر فيما بعد أن المكيدة الناجحة التي دبرها أو نُسجت له خيوطها في السر كانت من ساعتها "انتفاضة شعبية" أو أنها تمكنت في وقت لاحق من اكتسـاب تلك الصفة. فمثل هذا الادعاء كاذب من أساسه، ينـاقض نفسه بنفسـه ... اذ كيف يستطيع أي شعب في العالم أن "ينتفـض" من دون أن يشعر أو يعلم مسبقـا ً؟ وهل يمكن لانقـلاب عسكري مفاجئ أن يتمخّض عن ثورة شاملة تعلن عنها الحكومـة اللصـّة ذاتها عبر وسائل اعلامها، وبعد ثلاث سنوات كاملة من تاريخ الواقعة الأصلية؟ .. وما الذي كان يحدث لو لم تكن هناك اذاعـة جاهـزة موجّهـة لكي تحيط الشعب المنتفض علماً بثورته "الجماهيرية" ؟! .. لو أن (ماركوني) لم يختـرع جهـازه الثوري المعروف المسموع الصوت، فأغلب الظن أن كثيرا من الشعوب البريئة ما كانت لتغرق في مثل هذه الموجة الطويلة من "الثورات" اللاسلكية العاتية.

لو تأمّلنا قليلاً في ماهيّة الانقلاب المدمّر الذي خرّب كل شئٍ في وطننا وأذلّ شعبنـا ومرّغ سمعة بلادنا في التراب، فاننا نلاحظ أنه – رغم السّمات الشّاذة الفريدة التي تميّز بها عن سـواه عمومـاً – لم يكد يخرج في خطـوطـه العريضة عن الطبيعـة المعتـادة لمعظم الفخـاخ والكمائـن المماثلة التي نُصبت لبعض الشعوب الأخرى السيئة الطالع في هذا العصر الحافل بالانقلابات. ومع ذلك فان انقلابنا الخاص هذا يبدو، في نظرنا، أمرّ وأدهـى من كل ما عداه، لأنه مسّ حيـاة شعبنـا في الصميم واكتوى بنار حقده الأعمى الكبـار والصغار. ويكفي أن المواطن الليبـي الذي كان يُصعق عجبـاً ودهشـة لدى مجرّد السماع عن أحزان هذا العالم المنكود بالمآسـي لم يعد يُعيرها أي اهتمـام يُذكر منذ أن صـار يعيشـها على الطبيعة في عقر داره. فالانقـلاب عندنا نراه رأي العين .. تحت عباءة "الثورة" يخفي خنجر الفاشية الدامي .. يحوّل الأرض الى شبه معسكر وسجن.

الانقـلاب يعـدّل عمـره من يـوم مولـده ويشطـب التـاريخ فيما فـات .. يضفـي على آمره الأمجـاد والبطولـة القديمـة. ويعمد البطـل الجديد بدوره الى اطـلاق حفنة من الشعـارات المستـوردة المضخّمة مثل حزمـة البالونـات الملوّنـة في مظاهـرة صاخبـة لصرف الأنظـار بعض الوقت عن حقيقة الكارثـة المريعـة التي جـرّ البـلاد اليهـا، حتى يلتقـط أنفاسـه اللاهثـة التي كانت قد انحبست هلعـاً من احتمـال الفشـل المبكّر. ثم ان نجْـم الانقـلاب هذا ما أن يتمكـن مـن احكـام قبضتـه على جميع مرافـق الدولة ومقدّرات الشعب، ويعبّـئ السجـون بالمواطنيـن، حتى يستغـني شيئـاً فشيئـاً عن كلّ التأييـد الطوعـي الذي كان يستجـديـه في أيامه الأولى. فيصبح بالتدريج قادراً على فرض سيطرته المطلقة بحكـم القـوّة وحدهـا، اذ يمسك باحدى يديه زمام السلطة، وبالأخرى خزائـن الثـروة، ويمضي في طريقه المسدود حاملاً في جيبه مفتاح مخزن السلاح والذخيرة.

 ويبدأ من هنا مسلسل الرعب الذي لا ينتهي الا بموت بطل الخرافة. فالفصل الأول منه يحكي مصرع الحرية الأسيرة .. وتذبح الديمقراطية التي منها يخاف البطل الهمام في وضح النهار. في المشهد الثاني تصادر الأرزاق كيّ يعمّ الفقر باسم العدل. ثم في ختام الحلقة الأخيرة، تختلط الأوراق كلها، تنكشف الحيلة، يتعرّى اللاعبون، يفلت الزمام. فيهرب المخرج والمشـاهد المأجـور، لأن أحدا لا يستطيع أن ينتظـر النهايـة المفجعة الفاضحة المحتومة .. سـقـوط الانـقـلاب !!

فكفـى هذا، ولا داعي للإفاضة. فشعبنـا ليس بحاجة الى من يعيد سـرد مأسـاته بأي كلام، أو يدعوه مرّة أخرى الى اجتـرار الصبـر وحـده والصمت. بل أن اللغة نفسها تكـاد تقف عاجزة تماماً عن التعبير عمـّا جرى وما يُرتكب في حقّ هذا الشعب المعذّب. فلتوضـع النقاط على الحروف، ولتحدّد المواقف، وعلى الباغـي تـدور الدوائـر.

ان المواطـن الليبـي اليوم احـوج ما يكون إلى تذكيـره بماضيه القريب، واستعراض قضيّـته الحاضرة بكامل الصـدق والأمانـة في مكاشفـة صريحـة، بحيث يعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. فلنتلمّس معاً مواطن الخطأ والصواب في تجربتنـا الديمقراطيـة الوحيـدة التي عشناها خلال الاستقلال حتى عام 1969م. وان تسليط بعض الضـوء على تلك الفتـرة بالذات قد يُغني عن عقـد أية مقارنات مفصّلة بعهد الفوضـى التي تلتها لغاية الآن، وربما يُسهم في انارة الطريق نحو المستقبل الأمثل.

فلنعد الى معالم مسح الطريق أولاً. ما دامت النتيجة المتوقعة لأي انقلاب، كما شهدناها بأنفسنا عن كثب، هي أن تنقلب الأوضاع والمعايير في البلاد رأساً على عقب ويبدأ التراجع الحثيث من سئ إلى أسـوأ، فهل هناك أي وسيلة للخلاص غير نسف الانقلاب من أساسه وقطـع الطريق على أمثاله إلى الأبـد؟!.. واذا كان وضع البلاد قبل الانقلاب صحيحاً أصلاً، أو كان على الأقل أفضل مما أصبح عليه بعده، أفليس الحل المنطقـي والمخرج الوحـيد من المأزق هو انهاء الحالة الانقلابية برمّتها، ثم اجراء كل التصحيح والتغيير الذي يريده الشعب في جوّ آمن هادئ خالٍ من التشنجات والضجيج؟.. ان المشروعيـة الدستـورية هي بالتأكيد خير ضمـان لاعـادة خلق المنـاخ الديمقـراطي كبيئـة طبيعيـة تزهر فيها الحرية للجميع، وينمو الوعي والفكر بلا قيود، فيما تدور عجلة التقدم الحقيقي نحو الأمام حتى نسرع في قطع قفـار التأخر الذي أدى بنـا اليه هذا الزحف الانقلابي المخيف في اندفاعه الجنوني الى الوراء عبر ما يقرب من ثلاثة عشر عاماً. وعندئذ فقط نشرع في مسيرة المستقبل، ونستطيع أن نواكب الحضارة، ونصنع الرّقي بالانسان .. حتى خارج الاذاعة!!

فالخطـوة الأولى أمامنا ازاحـة حكم الأبواق الهزلي، ومحـو العار الثقافي الذي ألحقه بشعب ليبيا كله، وتمزيق القناع الزائف الذي غشى وجـه البلاد منذ انبعـاث سلالة التـتار. وهنا نريد قبل كل شئ أن نخرج من اطار الصورة القبيحة المشوّهة، لنعود بالذهن إلى الأصـل المضئ.

فكيف كان الحال في بلادنا أثناء الاستقلال .. ثم منذ الانقلاب ؟؟

 

ان صيغة الديمقراطية السياسية الناضجة التي تضمّنها الدستور الليبي على اثر الاستقلال كانت جديدة كلّ الجدّة بالنسبة الى شعبنا الذي عاش طيلة تاريخه السابق في حالة صراع دائم من أجل البقاء فقط.

فكانت تلك التجربة الديمقراطية الحديثة العهد عندنا أشبه بلعبة معقّدة دقيقة التركيب في يد طفل صغير: يرنو اليها بحذر في أوّل الأمر، ثم يعمد الى تفكيكها والعبث بها على نحو متواصل حتى يفسدها في النهاية ويقف عاجزاً عن اصلاحها بنفسه. فيشرع في الصراخ مطالباً بغيرها، الى أن يعثر على ضالّته في الدكان المجاور لبيته. وتستهويه اللعبة الأخرى المقلّدة، رغم اختلافها الواضح عن لعبته الجيّدة الأصلية، فلا يكفّ عن التطلّع إليها حتى ينالها .. ولو كانت بضاعة مسروقة!.. ويفرح بها في البداية غير عابئ بما تنطوي عليه من مخاطرالسياسة المستوردة بحذافيرها. فكلنا لم نكن نفهم معنى المستجير من الرمضاء بالنار !

ولا أحد يملك أن يقول أن الخطأ كان في صلب النظام الديمقراطي ذاته. فمما لا شك فيه أن جميع مَواطن الزّلل الحقيقية والوهمية على السّواء كانت اما نتيجة للتطبيق غير الصحيح أحياناً أو وليدة للشائعات الرائجة ضد النظام في بعض الأوساط آنذاك، والتي ترسّبت في أذهان الكثيرين عن طريق التكرار وحده. فلقد كانت المشكلة الأساسية سوء الفهم وعدم استيعاب العملية الديمقراطية بالكامل. واذا كان الاعتراف بالذنب فضيلة، فلنقرّ أولاً بأن جهلنا المريع هو الذي جنى علينا .. وما جنينا على أحد!

فنحـن كمواطنيـن لم نكن ندري على وجـه الضبـط مدى حقوقنـا، ولا حـدود حرّيتنـا، ولا نِطـاق واجباتنـا بوصفنـا أفرادا وجماعـات يضمّهـا وطـن حـرّ ودولـة.

فوجئ المواطن الليبي بأن صوته الذي كان على الدوام مخنوقاً ومبحوحاً بدت له هيبة ورنّة غير مألوفة يوم رجاه الدستور أن يدلي برأيه المستقلّ لاختيار من يريد تفويضه للدفاع عن حقوقه التي جدّت عليه وممارسة الرّقابة على الحكومة التي كُلفت بخدمته بعد أن كان لا يمارس سوى خدمة الحكومة! .. فاستنتج المواطن الداهية أن صوته الخاص لم يعد يخلو من الأهمية مثل سابق عهده بل صارت له قيمة أيضاً. ولم تكن تعنيه كثيرا كلمة "الديمقراطية" الغربية على أذنه لفظاً ومعنى. فلما استفسر عن أصلها وفصلها، قيل له أنها مجرّد تعبير اخترعه الاغريق القدماء لاستعمالهم الشخصي ثم ليضحكوا به على أمثاله. وقرأ في كتاب التاريخ أيضاً أن نفس هؤلاء الاغريق كانوا احتلّوا أجزاء من بلاده واستوطنوها في عصور سابقة. فأي خير يُرجى من لفظة ثقيلة على اللسان موروثة عن استعمار؟ .. ولماذا لا يستفيد المواطن الحرّ المستقلّ من هذه "الديمقراطية" على نحـو ملموس .. ولو من باب النكاية في مستعمريه الاغريق القدامى؟!

في جوٍّ من الفقر المدقع والسّذاجـة السيـاسيّة الواضحة، لم يكن يملك غير صوته الجديد. فجرّب عرضه للبيع في سوق الانتخابات العامة. ونجحت التجربة على الفور، غير أنها غدت له سابقة مُعيبة. فسُرعان ما أدرك بالفطرة أن من يبيـع صوتـه الحـرّ يفـقـد الحـق المطلـق في استعمـاله بنفس الحريـة مرّة أخرى. وبنفس المنطق البسيط فطن الى أنه لا يستطيع أن يلوم المُشتري اذا سعى الى استرداد النفقات التي تكبّدها في بورصة الانتخابات. فالمرشّحون ما كانوا يسرقون أصوات مواطنيهم عنوة ولا كانوا يحصلون عليها بطريق العنف والابتزاز، وانما كان الناخبون أنفسهم هم الذين يتاجرون بأهم حقـوقـهم الدستـورية طوعاًَ في سوق حرّة. فكيف يمكن لأحد أن يتوقع من نائب يصل إلى مجلس الأمة أو غيره على هذا النحو المشين أن يرعى مصالح ناخبيه والمواطنين عموماً من قبل أن يهتم بمنفعته الخاصة الى حين تعويض بعض خسائره على الأقل ؟!

ان العيب اذن، ليـس في أسـاس فكرة الانتخـابات العامة والمجالـس النيابيـة وغيرها من المؤسسات الديمقراطية. وليس ثمّة أي مأخذ اطلاقـاً قيما يتعلق بروح الدستـور أو نصّه من هذه النواحي بالذات. فصفقات البيع والشراء التي كانت تعقد أحياناً في تلك الأيام لا يمكن أن تعتبر مثـار طعن في سلامـة جوهر الاجراءات الديمقراطية المنصوص عليها في دستـور الـبلاد، ولم تكن قاعـدة بل استثنـاء نادر الحدوث على كل حال. ومهما يكن من أمـر، فان البرلمان طـوال عهـد الاستقـلال كان دائماً يضمّ رجالاً من خيرة أبنـاء الوطـن المخلصيـن ومن أكثرهم نزاهة واستقامة وجدّيّة في خدمة المصلحة العامة بالمعنى الحقيقي للكلمة. ولم يكن قطّ مجرّد قاعة تردّد الصدى وكراسيّ مرقّمة !!

قال صـاحب الانقـلاب ذات مرّة للشعب الليبي عن طريق الاذاعة أن كلمة "الديمقـراطية" هي كلمة معرّبة من كلمة يونانية تنطق "ديموكـراسي" وأنها لابد أن تكون مشتقّة في الأصل من "ديمومة الكراسي" ! .. وكان المغزى العميق الذي فهمه الجميع بمجرّد الاشارة أن تلك الكراسي "الدائمة" لا تعنى سوى كرسي الحكم الوثير وبعض المقاعد المصفوفة فيما يسمّى بـ "مؤتمر الشعب العام" حيث تدور كل عام مجموعة من الأصفـار والأرقام والألواح الصّمـاء في حلقة الدجل الذي لم ينقطع من يوم جاء الانقلاب. ولا عجب، فان العوامل العديدة المتشعّبة التي لعبت دورها في تفسّخ الحياة السياسية وتشويه صورة الحكم النيـابي في أذهـان عامة الناس، وجعلها موضع سخـرية وتندّر رخيص في أفواه الجهلة والأدعياء، هي نفسها التي أفسحت المجال لانقضاض الفاشـية الانقلابيـة على سلطة المؤسسـات الدستورية الشرعيّة في البلاد ومسخها الى هذا الحدّ حتى كاد مجرّد الحديث عنها يشبه الألغاز أو الكلام بلغة مندثرة لم يعد يفهمها سوى تلك القلّة التي لم تتأثر بهراء الحواة الجدد من فلاسفة الانقلاب أو التي لم تتعرض لغسيل المخّ أو لم تقرأ التاريخ بالمقلوب في معاهد ترسيخ الأميّة !

ان أول وآخـر دولة ليبيـة حقيقيـة قامت في تاريـخ بلادنـا حتى هذه اللحظـة هي تلك التي أعلن استقـلالها على يد السـيد محمد ادريـس المهـدي السنـوسـي في عام 1951، والتي اعترف بها المجتمع الدولي كله اعترافـاً شـرعيـاً كاملاً، وليس اعترافـاً بأمرٍ واقـع فرضتـه ظروف طارئـة .. مثل مجـرّد انقـلاب عسكري قد يتهدّده انقلاب مضـادّ ! .. والدولـة الليبيـة لم تخلـق من العدم ولا نشـأت من فراغ، بل نهضت على أكتـاف عدد من أبنـاء الوطن حرصوا على استقـلاله لأنهم ذاقـوا مرارة عهـد الاستعمـار وهـوان الاستعبـاد من قبل. فقدمـوا للـيبيـا المستقـلـّة كل ما يملكـون ومنحـوا شعبهـم أقصـى ما يقـدرون عليـه من عطـاء. ولا يكلّف الله نفساً إلا وسعها.

ولكن هل كانت الفترة الممتدّة من بداية الاستقلال الى يوم الانقلاب خاليـة تماماً من مظاهر الفسـاد وأسبـاب التذمّر؟ .. أبداً، على الاطلاق ! فلقد كانت غطرسـة أصحـاب النفوذ من ذوي العصبيـة القبليـة بالذات، وتبجّحهم الفارغ بأنهم هم وحدهم الذين ضحّوا في سبيـل حريّة البلاد واستقـلالها، وتعاليهم على الغير من ذلك المنطلق الضيّق، فضلاً عن اثارة الخصومـات الصغيرة فيما بينهم والتنافس الشديد على المناصب من أجل خلق مراكز للقوى واستغلال النفوذ داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها، والمحاباة الواضحة التي كانوا يبدونها على جميع المستويات – كل تلك الممارسات وغيرها من أعراض الجهل وضيـق الأفـق كانت مدعاة للنفـور لدى غالبيّـة الشعب، ولا سيّـما بين الأوسـاط الواعية اجتماعيّاً وسياسيّاً.

وكان هنالك أيضاً تحـوّل المجتمع التقليدي البسيط شبـه البدائـي الى مجتمع نفطي هائل الثـراء عبر طفرة حضارية مفاجئة لم يكن مهيّـأ لها، فأربكت حياته، وقلبت مفاهيمه، وغيّرت أساليب معيشته وتفكيره التي اعتاد عليها منذ مئات السنين. أضف الى ذلك توسّـع أطمـاع السماسرة المحليـّين والغربـاء كطبقة طفيليـة تضخّمت كثيراً على اثر اكتشـاف البتـرول ونمـوّ انتـاجه وثروة البلاد. فظهرت من ثمّ فئة قليلة مرفّهة من محـدثي النعمة أخذت تتصرّف مثل أغنيـاء الحرب في بذخـها واسـرافها المفرط فيما كانت الأغلبية العظمى من الليبييـن لا تزال تعاني تحت وطأة البؤس والفقر وتخلّف القرون الطويلة.

وكان عندنا، ومازال، المثقفـون الانتهـازيون والمفكرون بدماغ السلطة الرسمية. فلكل عهد دولة ورجال. ويأتي الانقلاب بغتة على أسنّة الرماح، حاملا انجيله المزيّف الجديد. يلتفّ حوله الوصوليّـون وحدهم والأغبيـاء حتى قبل أن يتبيّـنوا خطورة الطريق الأعوج الوعر، ويلقى رجالا لكل الفصـولفشـبه عالم هنا ونصف جاهـل هناك يتقـابلان في منتصف الطريق، يقسمـان دنيا الله كلها الى نصفيـن: واحد يعجبهمـا فيمنحانه شهـادة البـراءة "الثـورية" المزوّرة، وآخر لا يرضيان عنه يستحـقّ الموت!.. وكان عندنا الكتّـاب والسـاسة ورجال الأدب الأحرار والشـرفاء دائمـا في الجانب المشرق والمضئ ، في حين أن الأجراء والأوغـاد يقبعون اليوم كالعادة في الركن المقابل الذي يلفّه الظلام .. ويغنّـون لمن لا عقل له !

كان عندنا الطيّـب والخبيـث مثل أي شعب من شعـوب الأرض. وخلاصة الكلام، فقد كانت بلادنا تغصّ بجميع متناقضـات العصر، لكن لم تكن الأمور سقيمة ولا جميع أولي الأمر سيّـئين بالضرورة. ثم جاء الانقلاب، ولم يكن يحمل في طيّاته سوى بذور الشرّ والهلاك والخراب. فقـوّض الدولة من أساسهـا، ومسخر الرجال، وهدّم الأسواق والأخلاق، فيما دعّم السّـفالة وشجّع الحقـارة ورعى سائر ألوان الفسـاد السّياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى تجاوز الحدّ الضروري لاستهلاكه بالذّات .. فاستـورد أيضاً أردأ الأصناف من كماليّاته، وصدّر الزائد عن حاجته. وكل اناء بالذي فيه ينضح !!

لم تكن بلادنا في عهد الاستقـلال تعرف المرتزقـة، ولا حكومة يحمي وجودهـا الأغـراب ضد الشعب. ولم يكن جيشنا الوطني قطّ خاضعاً لأوامر "الخبراء" من رجال الشرطة السريّـة المستـوردين خصّيصاً لدعم السلطة الفعلية المخبـوءة، وهم يحمـون قائـده الأعلى من "سلطة الشعب" .. يخطّطون لتأمين الدفـاع عنه خشية من انتفاضة جيشه نفسه. والدليل في الماضي وفي المستقبل القريب أنه ما كان ثمّـة أجنبي واحد مـات دفـاعاً عن شرعيـة الحكم عندما قام الانقلاب بالهجوم عليها، ثم أن أي وطنيّ خالص الولاء للشعب وللبـلاد لن يطيع هؤلاء الخبراء "المستشـارين" الأجانب يوم يسقط الانقلاب .. لأن شعبنا ليس يطيق حكم الانقلاب في بلاده، ولا أعوانه المحلّيين والغرباء.

ان رجال الدولـة الليبيـة والسّـاسة والشيـوخ والنوّاب، وكل من شاركوا في حكم البلاد بشكل مبـاشر أو غير مبـاشر، أيام الاستقلال لم يكونوا قادمين من كوكب آخر أو مخلوقين من طينة خاصّـة. ولا أحد منهم، على حدّ علمنا، ادّعى لنفسه أية قدرات خـارقة أو مواهب استثنـائية يتميّز بها عن غيره من الليبيين. فهم ليسـوا أسوأ ولا أفضل من بقيّة مواطنيهم الا بقدر ما أسـاءوا عن تعنّت أو بدون قصد أو أحسنـوا التصـرّف في ادارة شـؤون الدولة وخدمة البلاد والمواطنين. ولعلّ أكثـرهم لم يكن يفـوق مستـوى المواطن العادي من حيث قلّة فهم العملية الديمقراطية أسـاسا ومعرفة أساليب تطبيقهـا على النحو الصحيح. فأغلب الأخطـاء التي ارتكبت في ذلك الوقت يمكن أن يقع فيها أي ليبيّ بمنتهى السهولة لو أحاطت به نفس الظروف والملابسات، أو سنحت له الفرصة، أو أدارت رأسه نشـوة السلطة والنفوذ. فدعونا لا نخدع أنفسنا أكثر مما ينبغي !!.. ثمّ ان كل تلك الأخطـاء تبدو الآن، بالقيـاس إلى جرائم الانقلاب الحاضر ومخازيه، كمجـرّد هفوات بسيطة صدرت عن شبه قدّيسـين.

كان الملك، باعتباره رمزاً لسيادة الشعب الدستـوريّة فقط، يملك السلطة اسميّـاً ولا يحكم فعلاً الا في حدود الدستـور الضيّـقة. فهو، وفقاً لنصّ الدستـور نفسه، غير مسؤول. وانما يتولّى سلطته بواسطة وزرائه، وهم المسـؤولون، بمعنى أن المسـؤوليّة بأكملها تقع على عاتق الوزراء. وكان الملك ينبّـه الى الممارسات الخاطئة، ويوجّه الى الصواب، ولا يرى اعوجاجـاً الاّ حاول تقويمه. ويبدو أنه كان، في كثير من الأحيـان، كمن ينفخ في قربة مقطوعة !.. ولكن لم يكن بوسعه أن يفعل أكثر من تنحية مصادر الافسـاد والأخطـاء عن منافذ السلطة، واستبدال مسؤول بآخر عسـاه يكون أصلح من سابقه. وكلّهم ليبيـون مثلكم جميعـاً !

وعلى أي حال فقد كان للبلاد دائماً برلمان منتخب من جانب المواطنين أنفسهم، وكل عضو فيه يمثّل الشعب كله وليس ناخبيه وحدهم بموجب الدستور. وكان مجلس الأمة هذا هو الوصيّ الحقيقي على مصالح المواطنين، فيما كان ملك البلاد مقيّداً بحدود صلاحياته الدستورية لا يملك الخروج عليها أو تجاوزها الا في الحالات القليلة التي كان يستعمل فيها هيبتـه الشخصية وحدها بمثابة ربّ اسرة لم تكن تخلو من بعض مظاهر النفور بين أفرادها وتنازع الأطماع والأهواء الموروثة والمكتسبـة في آن واحد. ونرى اليوم بالمقابل حاكم الانقلاب الفرد الذي يعدّ مسـؤولاً بالدرجـة الأولى عن كل كبيرة وصغيرة تحدث في بلادنا، مهما كانت الذرائع التي يتوسّـل بها للتنصّـل من هذه المسـؤولية الرهيبة أو محاولة الصـاقها بالغير من أتباعه ولجانه ومرؤوسيه. واذا كانت الحكومة الآن ملغاة بحكم سلطة الانقلاب المطلقة، فانها في الواقع لاغـية منذ حصول السّـطـو لافتقارها الى تفويض الشعب وخلوّها من النظام والشـرعيّة وخروجها عن القانون !..

هل يكفي مثلان فقط ؟.. يقول الدستـور الليبي المكتوب أن الملك هو الذي "يعلن الحرب ويعقد الصّلح ويبرم المعاهدات ويصدّق عليها مجلس الأمة". أمّا في عرف الانقلاب غير المدوّن فان "سلطان" المعسكر الأكبر يشعل الحروب وحده ويعـتدي على الجيـران ويعقّد الأمور كلها مع القريب والبعيد، ويلوي عنق المعاهدات حسبما يشاء، ويخمد الرغبة في الصلح وفي االسلام من تلقاء نفسه دون الرجوع الى أحد !.. وفي مادة دستـورية أخرى أنه "لا ينفّذ حكم الاعدام الصادر عن أية محكمة ليبية الا بموافقة الملك". ولم يحدث على حدّ علمنا طوال عهد الاستقلال، أن وافق الملك على تنفيذ أي حكم من هذا القبيل الا في حالة واحـدة تتعلق بأحد أبناء الأسرة السنوسيـة نفسها .. بل بواحد من أقرب الناس الى الملك شخصياً !!.. واليوم لا يصدر حكم الموت الا بمعرفة مدير الانقلاب أو بايعـاز منه شخصياً في هذا العهد الارهابي الأسود المتعطّش للدماء.

كلنا نعرف أن الانقلاب منذ قيامه لم يدّخر جهدا في محاولة تجريح الأسرة السنوسية بالذات الى جانب ما أسماه "العهد المباد". فالمحكمة الصّـورية التي شكّلها الانقلابيّـون في بداية عهدهم الآيل للسقوط، والتي عرضوا بعض جلساتها على الشعب المخدوع من خلال اذاعتهم "المرئيـّة"، لفّـقت للعشـرات من شخصيّـات عهد الاستقلال البارزة والمغمورة على السّـواء تهماً عديدة منها "افساد الحياة السياسية، والادارية، والمالية" وهلم جـرّا ... كما أطلقت عليهم رئيسها البائس ومدّعيها العام يتهجّمان على الجميع بصورة هستيـرية بذيئـة ووقحـة، أصابت معظم الشهود والمشاهدين بالتقـزّز، فيما جعلت أجهزة التلفزيون نفسها تتصبّب عرقاً تحت وطأة الشعور بالعار. ثم جاءت نتيجة تلك المحاكمات الهزليّة على عكس ما كانت تريده سلطة الانقلاب، حيث انقلب السّـحر على الساحر، فلاحظ الشعب الليبي كلّه مدى تفاهة الانقلابيين حين يحاولون أن يتحدّثوا بلغة المنطق والقانون في غياب البندقيّـة، وأدرك الشعب أيضاً كم كان مخطئاً في حق الكثيرين من أولئك الرجال الشجعان الماثلين أمامه في قفص اتهام الانقلاب، والذين تعوّد أن يسئ الظن بهم في السابق دون سبب واضح !.. فالحقيقة أن الأخطاء التي حدثت من جانب البعض أثناء عهد الاستقلال كانت قد جعلت معظم المرتبطين بأجهزة الدولة ومؤسساتها على العموم موضع ريبة في نظر عامّة الناس.

ونحن لسنا في معرض الدفاع عن أي انسان أو نفي التهمة عمّن أخطأ أو أساء في ذلك العهد أو غيره. فشهادات الفعال أعدل من شهادات الرجال. ويبقى الحكم في نهاية المطاف للتاريخ وحده وللأيام تكشف كل الحقائق والأسرار وتفرز الغثّ من السمين حتى لا يؤخذ أي امرئ بجريرة سواه. ونكتفي فقط بالاشارة الى أن أحدا من ولاة الأمور أيام ما يسمّى في لغة الانقلابيين بـ "العهد البائد" لم يحرّض على "ابادة" أي مواطن ليبي أو القاء جثـّته في عرض البحر !!..

لكننا لابدّ أن نسجّل هنا، بكل ثقة وفخر، أننا نربأ باسم السيد محمد ادريـس المهدي السنوسـي عن أن يقحم في مهاتـرات اذاعة الانقـلاب وصحفـه الصفـراء أو أن يصبح مضغـة في أفـواه هؤلاء الانقلابيـين وأتباعهم. فلتخـرس الأبـواق، ولتكفّ الأصوات الحاقدة عن فحيحـها المسـموم. ان شخص الملك ادريـس السـنوسي بالذات أرفع وأسمـى من أن يحاولـوا التعرّض له بأي سـوء على الاطـلاق، لأن نزاهـة هذا الرجـل ونبلـه وما يتحـلّى به من رقيّ الفكـر وعـفّـة القلب واليـد واللـسان صفـات معروفة عنه جيّدا لدى الجميع، فليس يرقـى اليها الشـكّ من قريـب أو بعيد. ولا نظـن أحدا من الليبيـين الذين شهـدوا مرحلة الاستقـلال أو سمعوا عنها قـول صـدق يستطيـع أن ينكر فضل الملك أو أن يذكـره الا بالخيـر والاعتـراف بدوره العظيـم في تحقيـق وحـدة لـيـبـيا واستـقـلالـها وحريـة شـعـبها .. من قبل أن يولد في ضمير الغيب شبـح الانقـلاب ! وعلى الليبيـين ألاّ ينسـوا لحظة واحدة أنهم هم الذين نصّـبوه ملكـاً على بلادهـم وبايعـوه على ذلك طواعيـة وجهـارا على مرأى ومسمـع من العالم كله. فالسـيد ادريـس لم يفـرض نفسـه على ليبيا عن طريق انقلاب أو بواسطة "فـورة" من داخـل ثكـنة عسكرية !!

فكيـف حـالـكـم الـيـوم، بعد أن عادت ليـبـيا شبـه مستعمـرة للفـاشـست الجدد؟.. وقد تسلط عليها حكم الانقلاب يعاملها بمثابة البقرة الحلوب فقط، وكأنما استولى عليها فاتحاً ضمن متاع المزرعة، يلهب جسدها بالسوط بينما يستـنزف خيـراتها لصالح الطغمة الحاكمة وحدها وللانفاق على مغامراته الخارجية الواسعة النطاق. وهو يحيط نفسـه بشبـكات من أجهـزة القمـع والارهـاب المحلية والأجنبيـة لحمايتـه من سخط الشعب وقواته المسـلّحة قبـل غيـرها. فالانقلاب الحاكم لا يفارقه ظل البندقيّـة، ولا ينـام الا بعيـن واحدة، فيما تسيطر عليه حالة من الرعب الدائـم ويعتـريه الذعر من أن ما سـرقه بالقـوّة قد يستردّ بقـوة أكبـر في غـمـضـة عـين !.. وفي هذيانه المحموم يمضي الحكم الفاشي المتهالك الى اطلاق تسميات مستهلكة على جميع منابع النقمـة الشـعبيـة ومصادر الخطر الداهم المحدق به من كل جانب، حيث يلقي الكلام على عواهنه من دون ان يفقه معناه أو يفهم مضامينه الحقيقية، فيصف الغالبية الساحقة من الشعب الليبي بعبارات مثل "البرجوازية، والرجعية، والقوى المضادة للثورة الطليعية"! ... الى آخر تلك التشكيـلة المذهلة من التعبيـرات الراقصـة التي لم تعد تعني شيئـاً حتى في رؤوس قائليها، بعد أن ابتُـذلت حتى الموت في دار الاذاعـة !!

نحن ندعـو الى محاربـة الفاشسيتـة التي أطلت برأسهـا البشـع في ليبيا مرة أخرى بمجـرّد أن استبدلت لون قمصانهـا الشهيـر وطلعت علينـا متنكّرة في زيّهـا الأخضـر الجديـد. وان هذا لـيس وقت الاصرار على الخوض في تفاصيل الحلم الديمقـراطـي الذي يتصـوّره كل منّـا لمستقبـل لـيـبـيا. فمحاولـة الاتفـاق الكامل على الصيغـة الديمقراطيـة المثلى لحكـم الشعب الليبي كشـرط يسبـق اسقـاط الدكتـاتـورية الفاشيّـة الخانقـة في أرض الوطـن ذاتـه، هي بمثابـة وضع العربة أمام الحصـان !.. وذلك أن كل يوم يضيـع في أي حوار بيزنطي أو جدل عقيـم انما يضاف الى عمر الحكـم الطفيلـي الحالي الذي عاش حتى الآن فترة أطـول مما ينبغـي بكثيـر. ولا شـك أن الانقلاب مدين بطول بقائه لتشتّـت جهـود المعارضـة الوطنيـة في المقـام الأول.

واذا كنا، نحن الليبيـين، نتسلّى بالفرجـة على ممارسـات الديمقراطيـة الغريبـة عنّا وننبهر بها، أو نعيش أحيانا في جوّ من الحرية النسبيـة في بـلاد الغيـر، فانها تبقى ديمقراطية شـريدة وحـريّة مسـروقة طالما كنا مشـرّدين هكذا وحرية شعبنا سليبـة وكرامـة المواطـن مستبـاحة للأوغـاد.

فمن المخجل حقّـاً أن يتشـدّق أي ليبـي حرّ بمفاهيـم الديمقراطيـة الدستـورية بعيدا عن أرضـه، ولا يحرّك سـاكناً في سبيـل اعادتهـا الى بـلاده، وهو يعرف جيّدا أنه لوكان داخل الحدود –بل حتى بين جـدران بيتـه الأربعـة- لا يستطـيع أن يتفـوّه بكلمـة واحدة تشـذّ عن قامـوس لغـة السجـّان. ومثل هذا المواطن "الديمقراطي" في الهواء الطلق يدرك أيضاً أنه ربما "يتطوّع" بانكار كل آرائه وأفكاره "الحرة" علناً اذا ما أصيب بالهلع الكافي تحت وطأة الخوف من الارهاب .. حتى خارج الوطن!.. فالأجدر بنا أن نعمل جميعـاً على الاسـراع بتحـرير بلادنـا أولاً، لنعـيد بنـاء الدولة الديمقـراطيـة الحـرّة هناك على أرض الواقع الليبـي .. في بلادنـا وبين مواطنيـنا، وليس تحت مظلاّت الأمن الخياليّـة. وكفانا هـراء !!

وليـس مطلوبـاً منّـا أن نبـدأ من الصفـر. فلدينا أساس الدولة الديمقراطية راسخـاً مثبـّتـاً في ثنـايـا دسـتور الاستـقلال منذ ثلاثـيـن عامـاً. والدستور ليـس كـلاماً منزّلاً من السمـاء على أي حال، وانما هو مجرّد وضعيّة تتضمّن مجموعة من المبـادئ الأسـاسيـة والقواعـد العامّة التي تتناول تنظيم العلاقـة بين الدولـة والمواطـنـين اجمالاً قبل تفصيلها بالقوانـين والتشـريعـات. فهو قابـل لاعـادة النظـر، والتعديل والتصرّف فيه على أي نحـو قد يراه الشعب الليبـي متلائمـاً مع متغيّـرات الظـروف وتطـوّرات العـصر وتجـارب الأمـم الأخـرى، بحيث يضمن للمواطن الوصول الى أقصـى درجـات الحريـة المسـؤولة. فما الذي يمكن أن يمنعنـا من اتخاذ هذا الدستـور الآن بمثابة مطيـّة مريحـة نقطع بها مسـافة طريق العـودة الى الوضـع الطبيـعي في بلادنا، ثم نفرشـه كبساط مألوف لدينا ويسـعنا جميعـاً، فنستريح عليه بعض الوقت فيما نطرحه للبحث فيما بيننا حتى نفرغ من اعادة نسـج خيوطـه القديمـة أو نقرر معـاً استبـداله بغيـره ؟ !

فحكـم الانقـلاب القائم حاليّاً لا يعدو كونه حادثة عارضة مثل قطـرة صغيـرة في محيط التاريخ الليبي العريض الحافل بالأزمات والأحداث المؤسفة والقصص الحزينة. أما الدولة الليبيـة المستقلـة فانها لم تفقد ايّاً من مقوّماتها الأسـاسية في غربتها المؤقّـتة. رئيـسها الأعلى، بحكـم الدستـور، حـيّ يُـرزق متمتّعـاً بكامل صحّـته وتوقّـد ذهنـه وان تقدّمت به السـنّ. وشعبيّـته الهائلـة في ليبيا لا يتطـرّق اليها أدنـى شـكّ، كما أن مكانتـه الدوليّـة والهيبـة الخاصـة التي يحظـى بها لدى مختلف الأوسـاط السياسيـة في العالم تُعتبـران شرفـاً عظيمـاً وموضع فخـر لكل ليبي غيور على سمعة بلاده ومواطنيـه. والاعتـراف بكيـان الدولـة ثابت ضمنـاً، لأنها هي نفس الدولة الليبيـة الدستوريـة الشرعيـة المعترف بسيـادتها منذ أكثـر من ربع قرن. والشعب الليبـي المضطهد في بلاده، المطارد في خارجها، قد تلقّـى درسـاً قاسيـاً من جرّاء تفريطـه القديـم في حقوقـه وحرياتـه التي صانهـا له الدستـور. وليس ثمّة ما يدعو الى الاعتقاد بأنه لن يرحّب بعودة حكم الشرعية والقانون والنظام والعقل السليم الى بلاده، كما أنه من غير المحتمل أن يرتكب نفس الغلطة مرة أخرى فيترك الحبل على الغارب لأي فرد أو جماعة تحاول أن تسرق حرّيته أو تستهين بحقّـه في ممارسة الرقابة الصارمة على أجهزة الحكم. فقد تعلّم الليبيون أن من جعل نفسه عظمة أكلتـه الكـلاب !!

فلنرجع بالذاكرة الى دستور البلاد الذي رافق عهد الاستقلال، لكي نتبين مواقع أقدامنا وطريق السير. فالدستـور الليبي الذي صدر بتـاريخ 7 اكتوبر 1951 (وهو نفس تاريخ الاعلان عن تأسيس الاتحاد الدستوري الليبي في سنة 1981) كانت قد وضعته وأقرّته جمعيـة وطنيّـة تأسيسية بمساعدة مفوّض خاص ومجلس دولـي عيّـنتهما الأمم المتحـدة. وتضمّـن الدستـور خلاصـة تجـارب عدد من أكثر دول العالم عراقة في تاريخ الديمقراطيّـة والعمل بالدسـاتير.

نصّ الدستـور الليبـي، في مقدّمتـه، على تكوين دولة ديمقراطيّـة مستـقـلّة ذات سيادة، تؤمّـن الوحدة الوطنيّـة وتصـون الطمأنينة الداخليـة وتكفل اقامة العـدل وتضمـن مبادئ الحريّـة والمسـاواة والاخاء وترعى الرقيّ الاقتصادي والاجتماعي والخير العام. كما نصّ في المادة (40) على أن السيادة للأمّـة، والأمّـة مصدر السلطـات. وكفل الدستـور الحريّـة الشخصيّـة، وحرمة المسـاكن، وحرية العقيدة والفكـر، وحريّـة الصحافة والطبـاعة والنشـر، وحق الاجتماع السـلمي.

ولم يمنع الدستـور انشـاء التنظيمـات السياسيـة على الاطلاق، وانما حظر تكوين الجمعيـات السـريّة والجمعيـّات التي ترمي الى تحقيق أهداف سيـاسيـّة بواسطة منظمـات ذات صبغـة عسـكرية. وكان ذلك أمراً طبيعيّـاً تماماً قصد به المحافظة على استقرار البلاد وتفـادي تعرّض الليبيّـين لمشـاكل الانقلابات العسكرية والمؤامـرات والدسائـس السياسيـّة وعواقبها الوخيمـة. فطالما كان نظام الحكم القائم ديمقراطيّـاً ويكفل للمواطنيـن حقّ تكوين "الجمعيّـات السلميـّة" بأنواعها، فما الداعي الى ممارسـة أيّ نشاط سياسي في الخفـاء ؟! .. ان المعارضـة السياسيّـة الواضحة الأهداف لا تضطـرّ الى العمل السـرّي الا مرغمـة تحت ضغط الارهاب في الأنظمة الدكتاتوريّـة والفاشيّـة التي تخنـق الحريّـة وتدوس على القوانين وتفتـك بكل من يرفع صوته برأي غير رأيها الوحيـد !!

وقد تضمّـن الدستـور فصل السلطـات الثلاث : التشريعيـّة، والتنفيذيّـة، والقضائيـّة. ونصّ على أن يتولّى الرئيس الأعلى للدولة السلطة التشريعيّـة بالاشتراك مع مجلس الأمّـة، بحيث يصـدر القوانين بعد أن يقرّها مجلس الأمّـة، كما يتولّى السلطة التنفيذيّـة في حدود الدستـور. أمّا فيما يتعلّق بالسلطة القضـائيّـة، فقد ضمن الدستـور أن القضاة مستقلّون ولا سلطان عليهم في قضائهـم لغير القانون. وأرسـى مبدأ اعتبار المتهم بريئـاً الى أن تثبت ادانته، بينما لا يجوز القبض على أي انسـان أو توقيفـه أو حبسـه أو تفتيشـه الا في الأحوال التي ينصّ عليها القانون، ولا يجوز اطلاقاً تعذيب أحد ولا انزال عقاب مهيـن به. فكيف حالكم الآن ؟!

 وحدّد الدستـور عدد النـوّاب في مجلس الأمّـة بحيث ينتخبـون من قبل المواطنين على أساس التمثيل النسبي لمجموع عدد سكان البلاد. ولعلّه من الجدير بالملاحـظة في هذا الصـدد أن الانقلاب الحاكم حاليّا خارج نطاق الشرعيّـة والدستـور يرفع شعاراً مريحـاً لأمثـاله، مفاده أن "التمثيـل تدجيـل". وهو لا يعني التمثيل المسـرحي أو التلفزيـوني، بطبيعة الحال، وانّما يقصد التمثيل النيـابي بالذات. ولكن الطريقة الغوغائيـة المسرحيـّة التي يختـار بها "ممثليـه الخصوصيّـين" فيما أسماه بـ "مؤتمر الشعب العام" لم تفرز الى الآن أي شخص قادر حتّى على تمثيل نفسه أو أداء دوره الخاص فقط من دون تعليمات مخرج الانقلاب. فالذي حدث أن معظم هؤلاء الممثـّلين أو كلهم تحوّلوا الى شبه قطع من خشبة مسرح العبث السياسي في ليبيا. بل ان أصوات المتفرجين أيضاً لم تعد تُباع وتُـشترى نقدا عن طريق شبّـاك التذاكر المفتـوح، ولكنها أصبحت تُغتصب عنـوة بالمجّان أو تخمد بالكامل !!

ومن هنا فان الأغلبيـّة الصامتـة الآن ليس من المتوقّع أن ترفع صوتها وتجاهر بالعداء لحكم الانقلاب الكريه، مالم ترَ في الأفق بوادر العودة الحقيقيـّة الى الديمقراطيـة وضمانات الحريّة التي تستحقّ التضحية في سبيلها وبذل النفس والنّفيس. وبالتالي فان هذه الجماهير الواسعـة من الشعب الليبي المسحـوق كله ستظلّ غالباً غارقة في صمتها، وتكتفي بالمقاومة السّلبيّـة وحدها والغضب المكبـوت، الى أن يطرق سمعها نداء الحقّ الواضح النبرات وتلوح أمامها أعلام النصر الأكيـد وبشـائر الخلاص النهـائي من عسف الأسـرة الانقلابيـّة الطاغيـة التي عاثت في البلاد فساداً تحت حراسـة السلطة المسلّحة. فالمواطن الليبي، بعد أن صقلته تجربة السنوات القاسية التي مضت منذ مصـرع الديمقـراطيّة على أرضه، أصبح اليوم أكثر وعيـاً وأنضـج بكثيـر من أن يبدّل انقلاباً بمجـرّد انقلاب مماثل أو يغريه مظهر أي برق خُـلـّب. فكلنا ندرك الآن جيّدا ما تعنيـه القبضة الحديدية في القفّاز المخملي !

فما الذي تـرونه الآن ؟ .. وهل هناك من يعتقد حقّا أن الشعب الليبي قد يرفض فكرة الانتخابات النيابيـّة، مثلا، لمجـرّد أنه في وقت من الأوقات سمع بأن حكومتـه تمارس التلاعب بالنتائج أو شاهد بعض أفراده يبيعون أصواتهم أو يتبرّعون بها لصالح المرشّـح الأقـوى ؟ ..وهل يعني ذلك أن المواطـن بات يخشـى المبادئ الدستـورية ذاتها ويخـاف من الديمقراطيـة؟ .. ان مثل هذا الاعتقـاد هو، في رأينا، من قبيـل الاستهـانة بذكـاء الليبييـن عامة وبمقدرة الشعب على الاستفـادة من تجاربـه الماضية والحاضـرة. فعلى الرغم من الحملة الدعائيـة المركّزة التي يشنـّها دعاة فكر الانقلاب ضدّ مختلف الأساليب الديمقراطيـة المعروفـة في العالم، ورغم اغلاق جميع أبواب المعرفة الانسانية في وجـه المواطـن الليبي منذ الانقلاب، الا أن هذا المواطـن على العموم لم يفقد ثقته الكامنة في ايجابيّـات المفاهيم الديمقراطيـة الأساسيـّة التي تتمثل في اجراء الانتخـابات العامـة، والاقتـراع السـرّي، وتشكيل المجـالس النيابيـّة، الى آخر ذلك. بل ان الليبـيين في الواقع قد ازدادوا ايماناً بصلابة معدن التجربة الديمقراطيـّة التي جاء بها دستـور الاستقلال، فهم اليوم يتحسـّرون عليها، وخاصّة بعد أن أخذت سلطة الانقلاب تعاملهم مثل فئران التجارب في المختبرات العلميـّة .. فتطلع عليه كل يومين بعيّنة جديدة من "ديمقراطيّـتها" الخاصة المركّبة في مصنع التجميع المحـلّي ! وكان آخر اختبار لا يزال جارياً بفشل منقطع النظير في حقل التجارب الليبـي هو ما أسمـاه الانقلابيّـون بـ "الديمقراطيـّة المباشـرة" .. وكانت هذه بالفعل ضربة مباشـرة !! فما برحت تزعزع أركان المعمل بأكمله وتحدث هزّاتها المخـرّبة حتى في المباني المجاورة.

فدعونا من الانقلاب قليلاً، ودعوه يتخبـّط وحده في خضمّ تجاربـه المميتـة. ولنعد الى الأهمّ والمُجدي. ونأخذ مثلا مسـألة الاستفتـاء الشـعبي. فعمليـّة الاستفتـاء من أضمن الوسـائل لتحديد موقف الجماهيـر تجـاه الفكرة أو القضيّـة المطروحـة للاستفتـاء العام عن طريق معرفـة مدى الاجماع الشعبـي عليها من جهة ونسبـة الرافضيـن لها من جهة أخرى. وهكذا فإن الاستفتـاء معيـار صادق ودقيق الى حدّ بعيد في استطلاع رأي الأغلبيـّة حيال أية مسـألة حيويـة تهم عامّـة الشعب. ولا مجـال لأيّ طعن في الصفة الديمقراطيـّة للاستفتـاءات الشعبيـّة، طالما توفّرت لاجرائـها شروط النزاهة من كل جوانبها مع الرقابة الجادّة.

 

ولننظر الى النقاط التالية على افتراض أنها حقيقة كاملة أو حتى نصف صحيحة فقط :

1.                     الشعب الليبـي مَـرّ، أثنـاء عهد الاستقـلال، بتجربة تزوير الانتخابات النيابيـّة والتلاعب بنتائجها والمتاجرة بأصـوات الناخبين. وقيل له سـرّا أن الحكـومة مخاتـلة بطبعها !..

2.                     التقاليد الديمقراطيـّة الناشئـة التي أخذت تتبـلور في مخيّلة الليبـيين بالتدريج مع بداية نموّ الوعي السيـاسـي عقب استقلال البلاد راحت ضحيـّة لحكم الانقلاب الغوغائي الفوضوي الذي جعل شغله الشاغل منذ قيامه القضـاء أولا بأول على جميع مقوّمات الحيـاة الديمقراطيـّة في ليبيا لكيّ يستبـدّ بالسلطة ويستـعـبد الجميـع.

3.                     تحوّلت ليبيا منذ الانقـلاب الى شبـه دولـة فـقط وبوليسيـّة بالكامل، حتّى قُـدّر عدد عناصر المخابرات فيها بنحـو عشرين بالمئة (20%) من عدد السكان البالغين !!

فمن يتوقّع من المواطن الليبي المعاصـر (المستريب بطبعه في كل شـئ، ولا سيّما الحكومة) أن يثـق في سلامة أي اجـراء ديمقراطـي جديد، مالم يتمّ تحت رقابة مضمونـة الحيـاد والنزاهـة. خالية من عبث الشـرطة والمخـابرات ؟!.. وما دامت بلادنا الآن تعتبر مستعمـرة لأسـرة الانقلاب أو شبـه مستعـمرة، على كل حال، فهل يضير سيـادة الشعب الليبـي – متى حـرّر نفسـه من سيـادة الانقلاب – أن يطلب بنفسـه حضـور مراقبيـن دوليـّيـن موثـوق بهم للاشـراف المحـايد على أول وأهمّ خطـوة يتـّخذها على طريق العودة الى الديمقراطيّـة، وهي اثبـات رأيه الحـرّ في شكل الدولـة ونظـام الحكم الذي يريـده للبدء في استـقـلاله الجـديـد ؟.. [*]

واذا كان ثمة من يتوهّـم أو يُشيـع أننا نطالب بعـودة عهد سـابق بكامل دولته وكل رجاله وخيره وشـرّه، دون تمـيـيـز، فهذا اما واهـم أكثر مما ينبغي أو يـقـصـد التشـكيك في سلامـة الأهداف، أو أنه معرّض للتضليل المتعـمـّد من جانب السلطـة الغاصبـة وعملائها بالذات.  وذلك أن أي أحمـق يدعو الى اعـادة الماضـي بحذافيـره، كمن يحـاول دفع عجلة التاريخ الى الوراء، لابدّ أن يكون أغبـى من الانقـلاب نفسـه !!

فنحن لا نريد، في الواقع، سـوى عودة الحكم الديمقـراطي والحيـاة الطبيعيـّة الى ليبيا، انطلاقاً من دستـور البلاد وبقيـادة رئيـس الدولـة الشـرعي. وبعدها، متى استتبّت الأمـورمن جديد وهدأت الفتن وأزيلت الأحقاد التي حاول زرعها الانقلاب، يستطيع الشعب الليبـي بكامله أن يقرر ما يشـاء كيفمـا شـاء. فان أراد أن يقيم مؤسسـاته الديمقراطيّـة الجديدة وفقاً لدستـوره القديـم، كان بها. واذا قرّر أن يُدخل عليه أي تغيير أو تعديل، سـواء من حيث الشكل أو المضمون، عن طريق استفتـاء عام أو بأي وسيـلة أخرى، تحت اشـراف أو رقابـة خارجيّـة أو بدونهافهو وحده صاحب القول الفصل وله الرأي أولاً وأخيراً. وباختصار شديد، فان ما نأمله ونسعى اليه وسوف نجاهد في سبيله بكامل ما نملك هو أن يستعيد شعبنا كامل حريّـته ويمارسـها قولا وفعلاً فوق أرضه .. فور سقوط الانقلاب !

وان دعوتنـا الى عـودة الشـرعية الدستـوريّة ليـس فيهـا لبـس أو غمـوض. وذلك أن الملك محمد ادريـس المهـدي السنـوسـي هو نفسـه القائـد الوطنـي العظيـم الذي حمّـله الشعـب الليبـي سيـادة الأمّـة، بمقتضى الدستـور، وديعة مصـونة لم يفـرّط فيها ولم تُستـلب. فلقد كان دائـماً ولا يزال خيـر من يحمـل الأمـانة.

ولسـوف تستعيـد لـيبيـا سيـادتهـا الكاملـة .. وتعـود للشعـب الليبـي وديعتـه بعـودة الملك المظـفّـرة بعـون الله عمّـا قريب، مُـلبّـياً نداء الوطن الحـرّ وأبنـاء الوطن .

 

عاشـت لـيـبـيـا      -    عـاش الـمـلـك


 

الصفحة الاخيرة

يود الاتحـاد الدّستـوري الليبـي أن يلفت انتبـاه المواطنيـن الليبين خاصة الى أنه رأي عدم نشـر أسمـاء جميع أعضـائه العاملين في الوقت الحاضـر، حفاظاً على السّـرية اللازمة لبعض نواحي العمل السيـاسـي ومراعـاة لضرورات الأمـن. وسـوف تعلن أسماء الأعضـاء أولا بأول، حالما تـنتفـي عن النشاط المكلّفين به طبيعة السّـرية أو الحاجة الى حرية الحركة الدائبة.

هذا ويعلن الاتحاد أنه يرحب بانضمام أي مواطن ليبـي حريص على خدمة بلاده وشعبه عن هذا الطريق، سواء بصفة سـريّة أو علنيـّة.

رقم الهاتف : 01614345999


 

البيان التأسيسي للاتحاد الدستوري الليبي

 

يُعلن الاتحاد الدستوري الليبي عن تأسيسه استجابة لتطلعات الشعب الليبي ودواعي العمل على إعادة الشرعية الدستورية إلى البلاد و فرض سيادة القانون والنظام.

 

ويجدّد البيعة للملك محمد إدريس المهدي السنوسي قائداً تاريخياً لكفاح الشعب الليبي من أجل الإستقلال والوحدة الوطنية ورمزاً للشرعية في البلاد.

 

ويدعو كافة فئات الشعب الليبي إلى الإلتفاف حول عاهل البلاد و الإنضِواء تحت لِوائه لإنهاء الحكم غير الشرعي القائم في ليبيا حالياً و إزالة كل الآثار التي ترتبت على اغتصابه للسلطة منذ أول سبتمبر 1969.

 

ويؤكد الإتحاد الدستوري الليبي على حق الشعب الليبي في إعادة الأمور إلى نصابها ثم اختيار شكل الدولة و نظام الحكم الذ يرتضيه بمحض إرادته الحرة عن طريق استفتاء يجري تحت إشراف دولي في خلال فترة مناسبة من عودة الشرعية الدستورية إلى البلاد.

 

عن الاتحـاد الدستـوري الليبـي

محمد عبده بن غلبـون  ...  رئيسـاً

محمد حسين القـزيّري  ...  عضـواً

هشام عبده بن غلبـون  ...  عضـواً


[*] اضطررنا في ذلك الوقت لتقديم هذا الشرح – البديهي – المفصل حول موضوع الاستفتاء كردّ فعل على حملة التشويه الشرسة والمتعمدة التي أطلقها نشطاء في المعارضة الليبية ممن عارضوا بشدة توجّه الاتحاد الدستوري بغرض التشكيك في مغزى مقترح اجراء استفتاء شعبي تحت اشراف دولي الذي ورد في البيان التأسيسي.

 

من إصدارات الاتحاد الدستوري الليبي : 7 أكتوبر 2010

نشرت هذه الحلقة في 7 أكتوبر 2010 على المواقع الليبية

 "ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل"

 

 

 

 

 

الإجابة على السؤال الحادي عشر والأخير من الاستبيان الذي أعده ملتقى الحوار الوطني حول مقترح مبادئ ثورة 17 فبراير، والذي يتعلق مباشرة بقضية اعداد دستور جديد

 

للإطلاع على الاستبيان كاملا يرجى اتباع هذه الوصلة

 

11. الدستور يتم إعداده من قبل لجنة تأسيسية ينتخبها الشعب، أو تعيّن من قبل السلطة التشريعية المنتخبة.

الإجابة  :    [ لا ]

التعديل:  الدستور يتم تعديله أو تنقيحه "من قبل لجنة تأسيسية ينتخبها الشعب، أو تعيّن من قبل السلطة التشريعية المنتخبة". فخطوة إعداد الدستور سبق وأن اخذها الشعب الليبي قبل أكثر من 60 سنة، ولا يجوز لنا أن نرسّخ سابقة إلغاء الدستور التي مارسها القذافي ونعيد ليبيا إلى نقطة الصفر. كما لا يجوز لنا أن نـُفقِد ليبيا وشعبها هذا التراث الحضاري العظيم وهذه الأسبقية النادرة لنعود إلى نقطة البداية وكأننا أمة بلا جذور دستورية. فلا ينبغي اهدار الجهود فيما قد أنجزه وضمنه لنا الأباء والأجداد بل ينبغي أن تصب كافة الجهود في تطوير وتنقيح هذه الوثيقة الحضارية العريقة (دستور 1951).

فالدستور الليبي (1951) يتوفر على خاصية فريدة من نوعها كونه تمت صياغته قبل تنصيب الحاكم على البلاد مما يجعله قابلا للتعديل ليناسب أي شكل للدولة ونظام الحكم الذي يرتضيه الشعب. وكذلك فهو يتوفر على آلية ذاتية لتعديله وتنقيحه من داخله وبدون الحاجة إلى إلغاءه، وهناك سابقة في ذلك عندما تم تغيير شكل الدولة سنة 1963 من الشكل الفيدرالي إلى الدولة الموحدة وتعديل اسمها بناء على ذلك.

كذلك فإن الدستور الليبي تم الشروع في صياغته من قِبل "الجمعية الوطنية الليبية" -التي لم يطعن أحد في شرعيتها أو أحقيتها في تمثيل الشعب- قبل ما يقرب من السنتين من اعلان استقلال البلاد وولادة الدولة الليبية الحديثة في 24 ديسمبر 1951 ، وعليه فهو يعد الوثيقة الوطنية التي ولدت من رحمها الدولة الليبية، مما يكسبه قيمة أكبر من قيمة الحاكم –مهما كانت صفته- وتجعله المرجعية الكبرى فوق كل مرجعية أخرى.

هذه خصائص يتميز بها دستور بلادنا كفلها لنا المخلصون من جيل الآباء والأجداد فلا ينبغي لنا أن نفرط فيه، خاصة في هذه المرحلة من مسيرة ليبيا نحو المستقبل الواعد بروح ثورة 17 فبراير المجيدة، والتي نحتاج فيها إلى كل ما من شأنه أن يجمع ولا يفرّق، ويقلل من الانشغال بمسائل لا يخلو بعضها من حساسيات (حقوق الأقليات، الدين .. الخ) قد تم حسمها بما يحقق الحد الذي يكفل حقوق الجميع ويرضي كافة الأطراف بدون الحاجة إلى الانشغال في الخوض في نقاشات وجدال حولها.

خاصية أخرى لا تقل أهميتها عما سلف ذكره هي أن الدستور الليبي (1951) يعد ملكاً لجميع الليبيين على قدم المساواة ليس فيه فضل ولا منّة لأي جهة أو تنظيم أو حزب من شأنه أن يثير عدم قبوله من قبل المواطنين كأساس تعكف على تطويره وتعديله نخبة من الخبراء وأهل التخصص في الشؤون الدستورية والقانونية ليتناسب مع متطلبات العصر ويتوافق مع طموحات المواطنين وتطلعاتهم.

اتبع هذه الوصلة للإطلاع على الاستبيان كاملا

 
 
 

 

 

 


الحلقة الثالثة

الشرعية الدستورية

24 ديسمبر 2005 : الذكرى 54 لاستقلال ليبيا

 فى الرابع والعشرين من شهر ديسمبر من كل سنة تحل علينا ذكرى الإستقلال المجيد. ذلك الإستقلال الذي جاء نتيجة لجهود وتضحيات أبناء ليبيا البررة الذين قدموا كل نفيس وغالٍ من أجل تحرير الوطن من نير الإستعمار الإيطالي الغاشم، سواء من خلال أعمالهم البطولية المشهودة ضد العدو في ساحات المعارك التى أرتوت بدماء الشهداء الأبرار، أو بالمناورات السياسية في أروقة السياسة الدولية، وما احتاجته من حكمة وبعد نظر وحسن تقدير لنقاط الضعف والقوة، وسداد في اختيار الحليف مع صبر ومثابرة، حتى انتزعوا لبلادهم استقلالها من براثن قوى إستعمارية عالمية بغيضة.

ذلك الإستقلال الذي لم تكد البلاد تنعم بدفء أمانهِ، والإنطلاق نحو مستقبل واعد لبناء دولة حرة يسودها الأمن والإطمئنان، يُحترم فيها المواطن في ظل قوانين واضحة تُسنّ بطريقة حضارية وفي شفافية تامة مستقية روحها من دستور راق يكفل الحريات، ويفرق بين السلطات، ويبيّن لكلّ ذي حقٍ حقه، في كنف قيادة دستورية اكتسبت شرعيتها من تفويض شعبي نزيه ليس فيه لبس ولا ريب، تقيدها ضوابط دستورية واضحة؛ خاصة بعد أن أنعم الله عليها بثروة نفطية، تبشر برفاه شامل.  حتى تحركت شرذمة من الأشقياء، ورائها قوى دولية لها مصالح وأهداف معينة فى ثروة البلاد وتوجهاتها، لتقوّض تلك الإنجازات جميعا، وتعطل الدستور، وتسير بالبلاد إلى هاوية من التخلف المقيت، وتحولها عبر سنوات حكمها إلى شبح دولة هزيلة، يعاني شعبها الفقر والحاجة، وينعدم فى هيكل بنائها أبسط مقومات الدولة العصرية.

ومع اقتراب موعد هذه الذكرى الخالدة، تلقينا دعوة كريمة من الأستاذ حسن الأمين منسق الشؤون الإعلامية للمؤتمر الوطني للمعارضة الليبية، للمشاركة في ندوة يجري الإعداد لها لإحياء هذه المناسبة، وذلك للحديث عن أحد محاورها الثلاثة التي تدور حول الإستقلال، والمؤسسات الدستورية في دولة الإستقلال، والشرعية الدستورية. وقد تعذر علينا تلبية هذه الدعوة، التي نتمنى للقائمين عليها التوفيق والنجاح، آملين أن تتطور هذه المبادرة الوطنية القيمة، لتصبح تقليداً سنوياً، يعمل من أجل ترسيخ هذه الذكرى الوطنية العظيمة في أذهان وقلوب الأجيال الصاعدة، التي سرق منها الإنقلاب الشعور بالإنتماء للوطن، وحرمها الإحساس بالفخر به، وكذلك للفت انتباه الرأي العام العربي والعالمي بأنه يوجد لبلادنا تاريخ مضيء ومشرف يضاهي فى مجده وعظمته تاريخ أكثر دول العالم تقدماً، وحتى يستعيد المواطن الليبي شيئا من ثقته وهيبته بعد أن حولته سياسات الإنقلاب الرعناء إلى شخص منبوذ، وغير جدير بالإحترام، ينظر إليه بعين الريبة والإنتقاص والشك على المستوى الدولي.

ومساهمة منا في إحياء ذكرى هذا الإنجاز العظيم في تاريخ أمتنا، وضمن سلسلة "من أجل نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبناء شعبنا" نقدم هذه المساهمة التى تحتوى على تحليل لقضية الشرعية الدستورية. ولقد سبق لنا أن قدمنا عبر العقود الثلاثة الماضية قراءات وتحليلات عديدة حول موضوع الدستور، ونادينا بضرورة التمسك به واتخاذه قاعدة للعمل الوطني، بقدر يغني عن الإضافة في هذا المقام، إلا أننا لم نتطرق من قبل بالتفصيل لهذه المسألة الهامة والحساسة، أي قضية الشرعية الدستورية، لا سيما وأنه يغلب على ساحة العمل الوطني شيء من الضبابية والتلكؤ حول هذه القضية المفصلية في مسيرة العمل الوطني، وذلك منذ أن أقدمت قوى المعارضة الوطنية بمختلف أطيافها على تبنى القرار الصحيح و الشجاع باتخاذ دستور الإستقلال منطلقا أساسياً فى تصورها لبناء كيان دولة ليبيا المستقبلية.

وقد غدى، منذ ذلك الحين، شعار المطالبة "بالعودة إلى الشرعية الدستورية" حجر أساس فى حديث الكثيرين من المهتمين بالمسألة الدستورية، ويُعد هذا المطلب، رغم بريقه اللغوي، غير دقيق يجانبه الصواب، ولا يمكن تحقيقه على أرض الواقع، وذلك بسبب عدم وجود شرعية دستورية بين أظهرنا اليوم.

وقبل أن نخوض في تفاصيل هذا الموضوع الهام، نجد من الضرورة بمكان تقديم بعض التعريفات والمصطلحات، وتصحيح بعض المفاهيم، لتكون المدخل الذى يتعرف من خلاله الجميع على طبيعة ومعنى الشرعية الدستورية، ويسهل بذلك فهم أبعادها للمهتمين بها والساعيين لتحقيقها.

معنى الشرعية:

تعرّف الشرعية بأنها هي الأسس التي تستند عليها السلطات التي تمارس الحكم مع تقبل الشعب لهذه الأسس وللسلطة. كما تعني الشرعية تقبل الاغلبية من الشعب لحق السلطة في الحكم والخضوع لقراراتها بعيداً عن الإكراه والإجبار، أي أن تكون السلطة القائمة حائزة على قبول المحكومين، بإرادتهم الحرة دون قهر. وقد اتفق المفكرون السياسيون على أن السلطة تكون شرعية عندما يكون القائم عليها متمتعا بحق ممارستها بتفويض من الشعب وبمحض إرادته الحرة.

ولهذا فإن الإنقلابات العسكرية بصفة عامة تفتقد إلى الشرعية تماما لأنها تقوم بدون تفويض من الشعب، بل بدون علمه كما في حالة الإنقلاب العسكري فى ليبيا.  ولذلك فإن أول ما يبادر إليه الإنقلابيون بمجرد نجاحهم في الإستيلاء على السلطة هو تسمية جريمتهم بالثورة التي جاءت لتلبية تطلعات الجماهير، وإستجابة لنداءات الشعب الأصيلة، وذلك في محاولة منهم لاختلاس شرعية سريعة تكون بمثابة "شرعية التفويض المؤقت"، يستغنون عنها حالما يتمكنون من القبض على مقاليد الأمور، ليطلقوا العنان لممارسة القمع والتنكيل والإقصاء للإنفراد بالسلطة تحت مسميّات شتى تعج بها قواميسهم مثل "الشرعية الثورية" أو "الشرعية الشعبية" .. إلخ.

ومن الصواب بمكان القول أن النظام العسكري الجاثم على بلادنا اليوم يفتقر إلى الشرعية، وذلك لإفتقاده لأبسط مقومات مفهوم الشرعية بكافة أبعادها الدستورية والقانونية، والتى تخول من يملكها إستلام مقاليد السلطة والحكم بصورة شرعية.

وبدون الدخول بالقارىء فى تشعبات موضوع الشرعية بأبعادها المتعددة، والذى يُعد هذا التحليل ليس مجاله، بقدر ما يهم فى هذا الصدد التركيز على موضوعنا الأساس  وهو الشرعية الدستورية فحسب.

الشرعية الدستورية:

تأتي الشرعية الدستورية كنتيجة منطقية لوجود الدستور، وليس العكس، حيث ان الدستور هو الأساس الذي تترتب عليه قيام الشرعية الدستورية، والتى تُجيز، بدورها، للحاكم تبوء السلطة وإستلام مقاليد الحكم. ومن هنا فلابد للحاكم من أن يكون دستورياً حتى يتمتع بالشرعية الدستورية.

ومن الشروط الضرورية لإكتساب صفة الشرعية الدستورية للحاكم إلتزامه بأمرين، الأول أنه لابد وأن يكون مجيئه للسلطة وفقا لقواعد الدستور، والثاني انه لابد وأن يكون مقيداً في سياساته وتحركاته بالمبادئ التي ينص عليها الدستور.

والشرعية الدستورية الوحيدة التي عرفتها بلادنا في تاريخها الحديث، أو بالأحرى منذ الإستقلال، تنقسم إلى شطرين لا تقل أهمية أحدهما عن الآخر. الأول هو ذلك التفويض الذي قدمه الشعب الليبي طواعية، من خلال ممثليه الشرعيين أعضاء الجمعية الوطنية التأسيسية إلى الملك إدريس السنوسي رحمه الله قبل نيل الإستقلال.

وتجدر الإشارة فى هذا الخصوص إلى طلب الأمير إدريس من ممثلي الشعب تأجيل الإعلان عن تنصيبه ملكاً إلى أن يتم إصدار الدستور، مما يدل على نضج سياسي فائق، وأمانة صادقة منبعثة من حس وطني عالٍ بأهمية الدستور الذي سيكون هو العقد المبرم بينه وبين شعبه، والذى سيخوله حكمهم، ويوجب عليهم طاعته فى إطار نص مواد وبنود هذا الدستور التي تلزم كل من الطرفين بمسؤولياته حيال الطرف الآخر.

أما الشق الثاني منها فيتمثل في المؤسسات الدستورية التي حكمت ليبيا طوال فترة الإستقلال والتي هي تجسيد للدستور (البرلمان بمجلسيه: الشيوخ والنوّاب، والمحكمة الدستورية .. الخ).

وبإندلاع الإنقلاب العسكري في أول سبتمبر 1969، فقد شعب ليبيا دولته الدستورية لصالح نظام عسكري وصل للسلطة بوسيلة غير شرعية، قوّض من خلالها أركان الشرعية الدستورية، حيث قام بتعطيل الدستور، وإلغاء البرلمان، وحل كافة المجالس والهيئات الدستورية، ولم يبق من تلك الشرعية الدستورية إلا شطرها المتمثل في شخص الملك طوال فترة حياته.  وبعد وفاة ملك البلاد الشرعي إنقطع هذا التسلسل الدستوري المتين الذي لا طعن فيه ولا غبار عليه.

ولهذا السبب كانت جهود الإتحاد الدستوري الليبي منذ تأسيسه في 1981 تصب في السعي إلى تشكيل تكتل وطني يضم أكبر عدد من ممثلي الشعب والتوجه للملك في منفاه ليصبغ عليها، وعلى العمل الوطني صبغة الشرعية الدستورية التي يمثلها، والتي هي بمثابة الشعلة التي تسلم من يد إلى يد، وربما تشكيل حكومة في المنفى من أعضائها لتنطلق بمباركته مسيرة العمل الوطني مؤزّرة بالتفويض الشعبي والإعتراف الدولي اللازمين لتزويدها بالزخم المطلوب لمقارعة النظام من موقع قانوني قوي، يسهل به القيام بالاستنفار الشعبي الذى يؤدى إلى تحرير البلاد. إلا أن امتناع المعارضة الليبية عن التفاعل الإيجابي مع دعوة الإتحاد الدستوري أدى إلى إهمال هذا الشطر من الشرعية الدستورية وعدم الإستفادة منه.

والآن لم يعُد باقياً من التجربة الأولى شئ يمكننا أن نطلق عليه "الشرعية الدستورية" لنعود إليه، وليس هناك ما هو حائز على تكريس شعبي وموافقة دولية إلا الدستور الليبي، وهو ما ينبغي التركيز على المطالبة بالعودة إلى العمل به، والمطالبة باستفتاء شعبي جديد يحدد شكل الدولة ونظام الحكم وهياكله وشخص الحاكم من أجل خلق شرعية دستورية جديدة

أما المطالبة "بالعودة إلى الشرعية الدستورية" فهو مصطلح أجوف لم يعد له سند قانوني ولا دستوري في واقع الأمر.

________________________

من إصدارات الإتحاد الدستوري الليبي : 23 ديسمبر 2005 : lcu@lcu-libya.co.uk

نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 23 ديسمبر 2005 على المواقع الليبية

 "ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "أخبار ليبيا"

 

 

 

 


"من أجل نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبناء شعبنا"

الحلقة الثانية

ماهو الدستـور؟

 

نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 14 أكتوبر 2005 على المواقع الليبية

 "ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و "أخبار ليبيا"

أنقر لمطالعة الحلقة الأولى

 

تصلنا على بريد موقع الإتحاد الدستوري الليبي رسائل من مواطنين ليبيين تحمل استفسارات عن موضوع الدستور، وماذا يعني أن يكون للدولة دستور، و ما أهمية ذلك بالنسبة للمواطن. وقد زاد تواتر هذه الإستفسارات إثر إعلان المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية، الذى عقد فى لندن خلال شهر يونيو الماضي، التمسك بالعودة إلى الشرعية الدستورية المتمثلة في دستور الإستقلال.

كما ساهمت التغطية الإعلامية المكثفة لموضوع الدستور العراقي والمشاكل التي خلقها خيار صياغة دستور جديد للبلاد في إحداث صحوة دستورية على مستوى العالم العربي بأكمله، فلا تكد تخلو برامج الفضائيات العربية اليوم من خبر أو برنامج يتناول موضوعات ذات صلة بالدساتير في إحدى مناطق العالم المترامي الأطراف.

ومساهمة منا في رفع مستوى الوعي الدستوري لدى المواطن الليبي الذي عاش ضحية لتضليل سياسات وأجهزة إعلام نظام الإنقلاب، التى عملت على تجهيل جيل بأكمله لكل ما يمت لهذه القضية الهامة بصلة، وليصبح هذا الجيل فى جهل تام بهذه القضية الحيوية التى تعيها كافة شعوب الأمم الآخرى.  ومن هنا فقد جمعنا في هذه المقالة تعريفات للدستور من مصادر عديدة، تشتمل على وجهات نظر مختلفة بينها وجهات نظر دينية وأُخرى سياسية، ويحمل بعضها سمة الفكر الغربي وأُخرى الفكر الشرقي. 

وقد راعينا فى هذه المقالة قدر الإمكان الحرص على الإختصار والتبسيط، مع التقيد بتناول الدساتير المكتوبة فقط، وذلك لمواصلة مسعانا الذي بدأناه منذ عام 1981 والذي نهدف من خلاله التعريف بخصائص دستور بلادنا ومميزاته، والحث على ضرورة التمسك به والإنطلاق منه نحو المستقبل، وذلك بعد إجراء التعديلات والتجديدات اللازمة عليه من قبل جهات منتخبة من الشعب عند استرداده لحريته واستقلالية قراره لاختيار شكل الدولة ونظام الحكم الذي يرتضيه بمحض إرادته الحرة، مثل ما فعل الأجداد والأباء عشية الإستقلال، قبل أكثر من خمسين سنة.

** * **

 

   [1]1-   الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"

تعريف الدستور

" كلمة الدستور ليست عربية الأصل ولم تذكر القواميس العربية القديمة هذه الكلمة ولهذا فإن البعض يرجح أنها كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية، ويقصد بها التأسيس أو التكوين أو النظام.

وفي المبادئ العامة للقانون الدستوري يعرف الدستور على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشئون الداخلية والخارجية.

الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير

وهي تتم بإحدى طريقتين:

الجمعية التأسيسية المنتخبة: حيث يتاح للشعب فرصة انتخاب ممثليه ليقوموا بهذه المهمة خصوصا، وأول من أخذ بهذا الأسلوب هي الولايات المتحدة الأمريكية بعد استقلالها عن بريطانيا سنة 1776م.

الاستفتاء الدستوري: حيث يتم وضعه بواسطة جمعية نيابية منتخبة من الشعب أو بواسطة لجنة حكومية أو بواسطة الحاكم نفسه ثم يعرض على الشعب في استفتاء عام ولا يصبح الدستور نافذا إلا بعد موافقة الشعب عليه."

 

** * **

 

2-- الشيخ يوسف القرضاوي:

 قناة "الجزيرة": برنامج "الشريعة والحياة" 4 سبتمبر 2005. [2]

".... الدستور هو مجموعة القواعد الأساسية التي تحكم بلدا ما تحدد شكل الدولة ونظام الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكومين والعلاقة بين الدولة وغيرها السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والعلاقة بين بعضها وبعض.. حقوق المواطنين وواجباتهم بحيث يرجع الناس إليه ويتحاكمون إليه عند الخلاف فهو لذلك يسمونه أب القوانين الدستور أبو القوانين ولذلك القوانين الجزئية التي تخرج ينبغي أن تتفق مع الدستور لا يجوز للولد الابن أن يعوق أباه ما دام هو أبو القوانين لا يجوز للأبناء أن يعوقوا آباءهم فلابد أن تكون القوانين التفصيلية والجزئية المدنية والشخصية والتجارية والدستورية والجنائية والدولية كل القوانين يجب أن تكون متفقة مع نصوص الدستور ومع روح الدستور..."

 

** * **

 

3-   دروس في المفاهيم السياسية:

موقع صوت البحرين: إعداد: منصور الجمري:  فبراير 1998ما هو الدستور؟[3]

" أي مجموعة بشرية تجتمع في مكان ما فإنها سرعان ما تطور مجموعة من المبادئ والقواعد والأحكام لتنظيم شئون حياتهم المشتركة . هذا الأمر ينطبق على الأشخاص سواء كانوا ضمن عائلة واحدة، شركة تجارية، مدرسة، جمعية، وطن، الخ…

عندما نتحدث عن الدستور، فإننا نفكر عادة في "الدولة" وأنظمة تلك الدولة.  الدولة هي مجموعة من الناس يعيشون ضمن حدود إقليمية واضحة ويشتركون في الاعتقاد بمبادئ مشتركة وتحكمهم حكومة واحدة.

o         دستور الدولة، حسب المفهوم الحديث، هو تلك الوثيقة التي تحتوي المبادئ والقواعد والأحكام والالتزامات التي يتم من خلالها إدارة دفة الحكم في تلك الدولة.

o         يوضح الدستور السلطات وصلاحياتها والعلاقة بين مؤسسات الدولة، ويوضح الدستور كيفية اتخاذ القرار وكيفية إصدار القوانين المستمدة في الدستور.

o         كما يوضح الدستور حقوق وواجبات المواطنين والأدوار والصلاحيات للسلطات الرئيسية في الدولة:  السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.

o         الدول التي تستند على دستورية في الحكم في العادة يكون لها وثيقة دستورية مكتوبة وموقع عليها من قبل جمعية تشريعية.

o         الدساتير الحديثة تحتوي في موادها على ضمانات لحقوق المواطنين الأساسية والمدنية.

o         في الدول التي يحترم قادتها دستور البلاد، قد ينص الدستور على وجود محكمة دستورية لتفسير مواد الدستور والتأكد من عدم تجاوزها من قبل الحكومة.

النظام الدستوري يعتمد على وسائل مقبولة دستورياً لإصدار قوانين تفصيلية مستمدة من مواد الدستور، وهذا يسمى "حكم قانون دستوري" وليس حكم قانون عشوائي. فالنظام الدكتاتوري يصدر الكثير من القوانين التي لا تستمد شرعيتها السياسية من مصدر دستوري وتفرض هذه القوانين على المجتمع بصورة تعسفية.

حكم القانون، يعنى أيضاً أن القانون فوق الجميع، حاكماً محكوماً. فحتى الحكومات في ظل الحكم الدستوري يتم معاقبتها قضائياً إذا خالفت حكم القانون، ويحق للمواطن أن يشتكي على وزارة أو رئيس الوزراء إذا خالف أي منها دستور البلاد، كما يحق للحكومة أن تشتكي على المواطن الذي يخالف الدستور والأحكام المستمدة من الدستور،والطرف الذي يشتكى نيابة عن الحكومة يسمى "المدعي العام" أو "النائب العام".

هذا يعني أن القضاء يجب أن يكون مستقلاً لكي يستطيع الفصل بين المواطنين أنفسهم وبين المواطنين والحكومة، والفصل بين السلطات الثلاث (التشريعيةالقضائية والتنفيذية) أحد شروط العدل في أنظمة الحكم الحديثة. فالبرلمان يشرع والحكومة تنفذ والقضاء يفصل في الخلافات. اما إذا كانت الحكومة هي المشرع وهي التي تسيطر على القضاء، كما هو الحال في بعض الدول الدكتاتورية، فأن الحكم يصبح حكماً استبداديا، وليس دستورياً."

 

** * **

 

4-  الدستور مكسب شعبي و إنجاز حضاري :

هشام بن غلبون : 17 يونية 2003  [4]

"الدستور هو ذلك العقد المبرم طواعية بين الحاكم والمواطن، الذي يضمن للمواطن عدم جور الحاكم عليه، لقدرته على سحب الثقة منه وعزله إن هو أخل بهذا العقد.  وأنه الوثيقة القانونية التي توفر "الضوابط التي تحكم عمل مؤسسات الدولة وعلاقاتها وصلاحياتها وتكفل للمواطن الليبي حقه الطبيعي في أن يعيش في بلاده حياة حرة آمنة كريمة"

 

** * ** 

 

5--وجهات نظر في الدستور:

أمير جبار الساعدي[5] :  صحيفة الدار العراقية.

"..... الدستور هو القانون الأساسي للبلد والمشرع للقوانين الأخرى فهو بداية سلم عمل الدولة ونهاية الارتقاء بها، والوثيقة التي يستطيع بها المواطنون ممن لديهم الحقوق والسلطات برفد بعض القرارات الى الحكومة. ويقوم بالإعلان عن هوية أية حكومة ستحظى بها الدولة والطريقة التي ستنتخب بها ودورها. يعرف الدستور ماهية الدولة و ماتستطيع القيام به وحدودها ، وما لا تقدر الحكومة من القيام به ويضمن الدستور حماية حقوق الإنسان ، تحديد سلطات الحكومة ، استجابة الحكومة للمواطن، جعل كل افراد المجتمع ( ) متساوين امام القانون، توضيح دور الدين في الحكومة ، ( ) وماذا يعني ، فصل السلطات ، حماية ممتلكات المواطنين وحماية منشات الدولة . وبذلك فان الدستور يضع العديد من المبادئ المهمة التي تحكم الدولة من خلالها ،ولكن احد أهمها هو عملية الحكم استناداً الى السيادة الشعبية أي الحصول على حكومة منتخبة من قبل الشعب الى جانب الحكم بالقانون...."

 

** * ** 

 

6-  معقل زهور عدي:

موقع ميدل إيست أون لاين 27 سبتمبر 2005 [6]

" الدستور في أي بلد هو قانون القوانين، من روحيته وأهدافه ومبادئه تشتق القوانين التفصيلية، وهو مرجعيتها، ويعتبر العقد الذي ارتضاه المواطنون لتنظيم دولتهم ومؤسساتهم التي تدير أمورهم التشريعية والتنفيذية والقضائية.."

 

** * ** 

 

7-  دساتير إصلاحية وقوانين قمعيّة  !

غسان الإمام : الشرق الأوسط: 30 اغسطس 2005  [7]

"...لكن ما هو الدستور، ولماذا هذا الاهتمام المفاجئ والواسع به؟

الدستور رمز الاستقلال والسيادة. وغرضه سلاح ذو حدين: إرساء نظام قانوني عقلاني، أو إقامة نظام متقشف صارم. وهكذا، فالدستور تشريع قانوني ينظم العلاقة بين الدولة والمجتمع، بين السلطة والمجتمع المدني. وسواء كان ثرياً في ضمانات الحرية، أو بخيلاً بها، فالدستور يرمي نظرياً إلى إلغاء الصراع السياسي العنفي، واعتماد التسوية الحرة أو المفروضة قاعدة للسلم الاجتماعي.

في الفقه الدستوري، هناك سِمات ثلاث للدستور الحديث: مبدأ سيادة الشعب من خلال ديمقراطية الاقتراع الحر. إخضاع القرار السياسي لقواعد ثابتة في الحوار والنقد. احترام المنظومة القانونية والسياسية لحقوق الإنسان. وهكذا أيضاً، فالدستور في الدولة الحديثة ضمان لما يمكن أن أسميه بـ «المجتمع السياسي»، المجتمع الذي يمارس السياسة، ويضع الدولة تحت الرقابة الشعبية، ويمتحن النظام بالاحتكام إلى آلية تداول السلطة من خلال الانتخاب والبرلمان.  

الدستور هنا مرجع لأي نزاع بين الدولة والمجتمع، وبين السلطة والسياسة، بل بين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية. ولذلك، فالدستور الحديث ينطوي على مبدأ الفصل بين هذه السلطات، كي لا تطغى سلطة على سلطة، كي لا تحتكر سلطة كل السلطات، بل كي لا تسيئ السلطة استخدام السلطة.

من هنا، حرصت الأنظمة المختلفة على ضخ نفحات ليبرالية وإصلاحية في عروق دساتيرها. حتى الدستور الستاليني والسوفياتي كان ينطوي على كميات من الحريات النظرية، وإن كان يركز على الحرية الاجتماعية من خلال العدل الاقتصادي، تهرباً واحتيالاً على الحرية السياسية. عرب الجمهوريات الاستقلالية، لا سيما جمهورية السبعينات، «استلهموا» الدستور الستاليني، والبلغاري، والماوي، بل الكوري الشمالي، فمنحوا دساتيرهم هذه النفحة النظرية الليبرالية، اللهم إلا في البنود التي تتحدث عن سلطة رأس الدولة أو الحزب القائد.  

لكن ما الفرق بين الدستور والقانون؟

الدستور هو الثابت. القانون هو المتحول المتغير. الدستور مجموعة مبادئ عامة. القانون منظومة تشريعات واسعة تسهب في استلهام الدستور، وتفسيره، وتحويله إلى بنود وتفاصيل في مختلف شؤون الحياة الاجتماعية. من غرائب وطرائف العرب المعاصرين ان دساتيرهم ليبرالية وإصلاحية في تعديلاتها واتجاهاتها، لأسباب ربما... أميركية طارئة. لكن قوانينهم ما زالت قمعية!  

دساتير حداثية إصلاحية نظريا. وقوانين قمعية عملياً وتطبيقاً! اقرأ تفرح. جرب تحزن: قوانين الطوارئ. محاكم أمن الدولة. المحاكم العسكرية تحاكم المدنيين. الاعتقال بلا إبلاغ أو إحالة إلى القضاء. التعذيب المروع تمارسه أجهزة غير مسؤولة. حرية الكلمة والاجتماع والإعلام غائبة. مسخ آلية الديمقراطية بإلغاء السياسة وقصرها على الحزب «القائد» وأحزاب الجبهة الشعبية (البلغارية). تزييف الأرقام الانتخابية، أو اقتسام الجبنة النيابية مع أحزاب صورية دائرة في فلك «الحزب القائد» الذي يفكر ويخطط ويحكم بالنيابة عن الدولة والمجتمع.

غير أن الدستور ليس بنص مقدس. نعم، هو الثابت. لكن لا بد من أن يتكيف ويعدل مع دورة الزمان. وهذا ما جرى عملياً لدساتير عربية. فقد أسقط الدستور الجزائري الآيديولوجيا الماركسية من بنوده ومنطقه...."

انتهى النقل عن مقال غسان الإمام، إلا أن هذا السياق يملي التذكير بحالة ليبية مشابهة في تاريخ بلادنا الدستوري نختم بها هذه المساهمة وذلك عندما تم في عام 1963  تعديل مواد الدستور الخاصة بشكل الدولة بحيث تم الغاء الشكل الاتحادي (الفيدرالي) الذى اختاره الشعب عشية الإستقلال ـوالذى لم يعد ملائما في الفترة اللاحقةـ إلى شكل وحدوي يضم أطراف الدولة ككتلة واحدة من خلال إلغاء التقسيم الجارى على أساس ولايات ثلاث ذات صلاحيات منفردة، إلى نظام موحد بحكومة واحدة تملك صلاحيات وسلطات مركزية.

 

من إصدارات الإتحاد الدستوري الليبي: 12 أكتوبر 2005 : lcu@lcu-libya.co.uk

 


 

 

 


"من أجل نشر وترسيخ وعي دستوري بين أبناء شعبنا"

الحلقة الأولى

 

نُشر هذا الكتيب في 24 ديسمبر 1981 إحياءًا للذكرى الثلاثين لعيد الإستقلال المجيد‏
وللتذكيرببعض مواد دستور البلاد الذي عطله الإنقلاب
*

تمت إعادة نشر هذه المادة على المواقع الليبية: "ليبيا وطننا" و "ليبيا المستقبل" و " أخبار ليبيا" في 4 يوليو 2005

 

 

 


 

 

 

الكتيب الثالث

  

24 ديسمبر 1981

العيد الثلاثون لاستقلال ليبيا


بسم الله الرحمن الرحيم

 

يحيا الشعب رغم القهر والإرهاب ـ رغم أنف الإنقلاب ـ بإنتظار عودة الحياة والحرية المفقودة .

وأرض ليبيا أرضنا الحرة ، تأبى أن تعيش عرضة لسطو أي فاتح أبداً ! فالفاتحون الطامعون والغزاة واللصوص ، من خارجها ومن داخلها ومن مختلف الأجناس ، سلبوا خيراتها عبر القرون وأثخنوها بالجراح حتى لم يعد بها موضع لطعنة رمح ، فلترفع رايات الحرية والإستقلال يوم عيده .. وليسقط الإنقلاب !!

* *** *

اليوم يصادف ذكرى مرور ثلاثين سنة على إعلان استقلال ليبيا ومولد دولة عزيزة وشعب حر . ففى 24 ديسمبر 1951 تم غرس بذرة الديمقراطية الدستورية فى بلادنا وقيام أول حكم وطنى صميم فى تاريخها كله بعد طرد آخر المحتلين الأجانب آنذاك . غير أن هذه الفترة التى مضت على إستقلال البلاد ، بدلا من أن يسود فى أرضنا السلام لتنمو بذرة الحرية الوليدة ، نهب منها الخارجون على القانون فى الداخل حتى الآن نحو ثلاثة عشر عاماً طفحت بالنحس والتعاسة . ومع ذلك ، فلنسقط المسروق من حسابنا مؤقتاً . فان عند شعبنا من الاصراررصيد لن ينضب حتى يُضبط السارق .. وتوقع العقوبة !

فى هذه المرة نريد أن نحكى لكم دستوركم . ولا تسارعوا برفضه مقدماً ، من فضلكم ، لأنه فقط قديم . إن من يرفض قديمه بالكامل كمن يلعن تاريخه كله .. وجدوده أيضاً !.. فارجعوا إليه قليلاً ، واقرأوه بتمعّن ، وفكروا فيما خسرتموه . واحذروا إطلاق الأحكام المسبقة والتسرع . إنه خطأ جسيم .. قاتل أحياناً . والعاقل من لا يلدغ مرتين ! ..

* *** *

إن الدستور الليبى فى صيغته الأصلية (التى بدأ العمل بها من تاريخ إعلان الإستقلال) يتألف من مقدمة واثنى عشر فصلاً تتناول المواضيع التالية حسب ترتيبها فى نص الدستور، وهى :

(1)      شكل الدولة ونظام الحكم .

(2)        حقوق الشعب .

(3)        الفرع الأول : اختصاصات الإتحاد الليبى . الفرع الثانى : الاختصاصات المشتركة .

(4)      السلطات العامة الإتحادية .

(5)        الملك .

(6)      الوزراء .

(7)      مجلس الأمة : 1- مجلس الشيوخ . 2- مجلس النواب . 3- أحكام عامة للمجلسين.

(8)      السلطة القضائية .

(9)      مالية الإتحاد .

(10)      الولايات .

(11)       أحكام عامة .

(12)     أحكام إنتقالية وأحكام وقتية .

 

* *** *

وفيما يلى ، على سبيل المثال ، نماذج من أحكام الدستور وفقاً للنص الذى نشر فى الجريدة الرسمية للملكة الليبية المتحدة ـ عدد خاص ـ بتاريخ 8 أكتوبر 1951م :

 

مقدمـة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نحن ممثلي شعب ليبيا من برقة وطرابلس الغرب وفزان المجتمعين بمدينة طرابلس فمدينة بنغازي في جمعية وطنية تأسيسية بارادة الله .

بعد الاتفاق وعقد العزم على تأليف اتحاد بيننا تحت تاج الملك محمد ادريس المهدي السنوسي الذي بايعه الشعب الليبي ونادت به هذه الجمعية الوطنية التأسيسية ملكا دستوريا على ليبيا .

وعلى تكوين دولة ديمقراطية مستقلة ذات سيادة تؤمن الوحدة القومية وتصون الطمأنينة الداخلية وتهيئ وسائل الدفاع المشتركة وتكفل اقامة العدالة وتضمن مبادئ الحرية والمساواة والاخاء وترعى الرقي الاقتصادي والاجتماعي والخير العام .

وبعد الاتكال على الله مالك الملك ، وضعنا وقررنا هذا الدستور للمملكة الليبية المتحدة .

* *** *

 

الفصل الأول : شكل الدولة ونظام الحكم فيها

 

 

مادة (1) : ليبيا دولة حرة مستقلة ذات سيادة . لا يجوز النزول عن سيادتها ولا عن أي جزء من أراضيها .

مادة (2) : ليبيا دولة ملكية وراثية شكلها اتحادي ونظامها نيابي وتسمى " المملكة الليبية المتحدة " .

مادة (3) : تتألف المملكة الليبية المتحدة من ولايات برقة وطرابلس الغرب وفزان .

مادة (5) : الاسلام هو دين الدولة .

 

الفصل الثاني : حقوق الشعب

 

مادة (11) : الليبيون لدى القانون سواء ، وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفي تكافؤ الفرص وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أو المذهب أو العنصر أو اللغة أو الثروة أو النسب أو الآراء السياسية والاجتماعية

مادة (12) : الحرية الشخصية مكفولة وجميع الأشخاص متساوون في الحماية أمام القانون .

مادة (15) : كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى أن تثبت ادانته قانونا في محاكمة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه وتكـون المحاكمة علنية الا في الأحوال الاستثنائية التى ينص عليها القانون .

مادة (16) : لا يجوز القبض على أي انسان أو حبسه أو تفتيشه الا في الأحوال التى ينص عليها القانون ، ولا يجوز اطلاقا تعذيب أحد ولا انزال عقاب مهين به .

مادة (17) : لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانـون ولا عقاب الا على الأفعال اللاحقـة لصدور القانون الذي ينص عليها ، كذلك لا توقع عقوبة أشد من العقوبة التى كانت نافذة وقت ارتكاب الجريمة .

مادة (19) : للمساكن حرمه ، فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها الا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه .

المادة (22) : حريـة الفكر مكفولة ، ولكل شخص الاعراب عن رأيه واذاعته بجميع الطرق والوسائل ولكن لا يجوز اساءة استعمال هذه الحرية فيما يخالف النظام العام أو ينافي الآداب .

مادة (26) : حق تكوين الجمعيات السلمية مكفول وكيفية استعمال هذا الحق ينظمها القانون ، أما لجمعيات السرية والجمعيات التى ترمى إلى تحقيق أهداف سياسية بواسطة منظمات ذات صيغة عسكرية ، فتكوينها محظور .

مادة (32) : عقوبة المصادرة العامة للأموال محظورة .

 

الفصل الرابع : السلطات العامة الاتحادية

 

مادة (40) : السيادة لله وهي بارادته تعالى وديعة الأمة ، والأمة مصدر السلطات .

مادة (41) : السلطة التشريعية يتولاها الملك بالاشتراك مع مجلس الأمة . ويصدر الملك القوانين بعد أن يقرها مجلس الأمة على الوجه المبين في هذا الدستور .

مادة (42) : السلطة التنفيذية يتولاها الملك في حدود هذا الدستور .

مادة (43) : السلطة القضائية تتولاها المحكمة العليا والمحاكم الأخرى التى تصدر أحكامها في حدود الدستور وفق القانون وباسم الملك .

 

الفصل الخامس : المـلك

 

مادة (59) : الملك مصون وغير مسئول .

مادة (60) : يتولى الملك سلطته بواسطة وزرائه وهم المسئولون .

* *** *

 

فى 7 أكتوبر 1951 فرغت الجمعية الوطنية الليبية من وضع دستور البلاد وأقرته ، ثم عهدت باصداره إلى رئيسها محمد أبو الأسعاد العالم ( عن ولاية طرابلس الغرب ) ونائبيه عمر فائق شنيب ( عن برقة ) وأبوبكر بن أحمد أبوبكر ( فزان ) . 

 * * *

غير أن دستور الدولة الليبية هذا عدل خلال السنوات التالية أكثر من مرة . فمن المبادىء المتعارف عليها أن الدساتير فى كافة الدول أنما توضع من أجل تنظيم شؤون الجماعة ، وهى متطورة بطبيعتها ، الأمر الذى يقتضى تعديلاً فى الدستور كلما دعت الحاجة إليه ليساير تطور المجتمع . وكان أهم التعديلات التى أدخلت على الدستور الليبى هو التعديل الصادر بتاريخ 25 أبريل 1963م والذى نص فى مادته الأولى على الغاء النظام الإتحادي وإستبداله بنظام الدولة الموحدة .

 

ومن أبرز ما جاء به التعديل الدستورى المذكور أنه نص فى المادة (3) على أن ليبيا جزء من الوطن العربى وقسم من القارة الأفريقية ، وذلك تأكيداً للانتماء العربى من جهة والأفريقى من جهة أخرى رغم أنه انتماء واضح بذاته . كما عدلت المادة (40) من الدستور بحيث تتفق نصاً وروحاً مع ما أجمع وأستقر عليه فقهاء الشريعة الإسلامية ، فأصبح نصها : "السيادة لله ، وهى بإرادته تعالى وديعة للأمة ، والأمة مصدر السلطات" . وكذلك عدل نص المادة (68) فأوضحت مهمة القوات المسلحة الليبية وهى حماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها وأمنها .

  

وورد فى المذكرة الايضاحية المرافقة لقانون التعديل ما يلى :

" ليس فى الأخذ بنظام الدولة الموحدة بدعاً مستحدثاً فى بلادنا . فانه من المسلم به فى الفقه الدستورى أن تحول الدولة من النظام الإتحادى إلى الوحدة بدلاً من الإتحاد ان هو إلا المظهر الطبيعى والنهاية المألوفة التى يؤدى إليها هذا النظام الإتحادى . وإن نجاح القانون الأساسى فى الدولة يتوقف على مدى ملاءمته لعادات السكان فى بيئتهم الأصلية. ولا يغرب عن الذهن أن ما يصلح لدولة معينة فى زمن معين قد لا يصلح لنفس الدولة فى زمن آخر " .

من البديهى ، إذن ، أن إجراء التعديل الدستورى أياً كان شكله أو مضمونه ليس بدعة ولا أمراً متعذراً كما قد يتصور البعض . بل انه احتمال وارد دائماً عند مقتضيات الأحوال حسبما تمليه الظروف والملابسات المستجدة . ومن هنا فان واضعى الدساتير عادة يوضحون فى صلبها طريقة تعديلها . وبالتالى فان من الممكن جعل سائر أحكام الدستور قابلة للتعديل ، بما فيها الأحكام المتعلقة بشكل الدولة نفسه .

وهكذا ربما نستطيع القول أنه بالنسبة إلى مسألة الدستور الليبى بالذات ، فكما وضعته وأقرته فى عام 1951 جمعية تأسيسية ليبية ، لا يجوز أن تتولى تعديله أو اعادة صياغته بالكامل إلا جمعية وطنية مماثلة حائزة لثقة الشعب الليبى بحيث تمثله شرعاً لدى إجراء التعديل المرغوب فيه أو وضع الدستور الجديد . وهذا لا يتأت ، بطبيعة الحال ، إلا بعد أن يستعيد الشعب حريته لكى يختار بنفسه وبالوسائل الديمقراطية من يوليهم ثقته لهذا الغرض أوغيره .

 

أما قبل إنهاء حكم الإنقلاب فأن أي محاولة للتصرف فى دستور البلاد تبدو ، فى رأينا، مجرد عبث طالما أن الغالبية الساحقة من الشعب مسحوقة هكذا مكتومة الأنفاس لا تملك حرية رأيها ولا صوت لها . فالتحدث باسم جماهير الشعب الليبى أو التصرف فيما يخصها دون تفويض منها لا يعدو كونه نوعاً من الدوران فى حلقة مفرغة . فهو لا يكاد يختلف فى واقع الأمر عما يقوم به الحكم الخالى من الشرعية القائم الآن ! ..

 

فليسقط الإنقلاب أولاً . وعندئذ فأن تجربة العهد الإنقلابى المباد ذاتها ، رغم كل شرورها ومساوئها ، لن تخلو من بعض الفائدة كظاهرة جديرة بالدراسة والتحليل والتأمل عند الشروع فى اعادة بناء الدولة الليبية الديمقراطية على أنقاضها .

 

 

 

 

 

يود الإتحاد الدستورى الليبى أن يلفت أنتباه المواطنين اليبيين خاصة إلى أنه رأى عدم نشر أسماء جميع أعضائه العاملين فى الوقت الحاضر حفاظاً على السرية اللازمة لبعض نواحى العمل السياسى ومراعاة لضرورات الأمن . وسوف نعلن أسماء الأعضاء أولاً بأول ، حالما تنتفى عن عملهم صفة السرية والحاجة إلى حرية الحركة باستمرار .

 

هذا ويعلن الاتحاد أنه يرحب بانضمام أى مواطن ليبى حريص على خدمة بلاده وشعبه عن هذا الطريق ، سواء فى السر أو فى العلن .

رقم الهاتف :  061-.................

 أنقر هنا لمطالعة نسخة مصوّرة من الوثيقة الأصلية

 

 

 

     
أنقر للإنتقال للكتيب الأول 7 أكتوبر 1981

بالإمكان الإنتقال للكتيب رقم (1) أو (2) بالنقر على الصورة

أنقر للإنتقال للكتيب الثاني 21 نوفمبر 1981
     
     

 

 

 

 

 

 

 

اقرأ كذلك في هذا السياق:

 

 

الدستور مكسب شعبي وإنجاز حضاري

 

 

دستور ليبيا

 

 

التنمية الدستورية في ليبيا

للمؤلف إسماعيل راغب الخالدي

 نشر عام 1956

 

Go to English Menu

 

 

 

 

 

Copyright © 1999 LCU. All rights reserved.
Revised: December 04, 2013